• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، يُكنى أبا عبد الله أو أبا أسامة المدني، ثقة عالم، كان يرسل، وكان في الطبقة الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومائة بعد الهجرة، عن سعد بن الجاريّ بالجيم وتخفيف الراء: مدينة بساحل البحر بينها وبين المدينة يوم وليلة، وقيل: الجار ساحل المدينة من وراء ينبع، ابن الجار، وليحيى عن سعيد الجاري، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سألتُ ابن عمر عن الحيتان، بكسر الحاء المهملة جمع الحوت، أبدلت واو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ومنه قوله تعالى في سورة الأعراف:{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ}[الأعراف: ١٦٣]، يقتُل بعضها بعضًا وتموت أي: الحيتان صَرَدًا، بفتحتين، أي: تموت لأجل البرد، قالوا: ومعنى أو التخيير به، كما في (الموطأ) ليحيى، أو تموت، قال ابن هشام في (مغني اللبيب): الواو تُستعمل على أوجه: أحدهما: أن تكون بمعنى أو في التقسيم، كقولك: الكلمة اسم وفعل وحرف، والثاني: أن تكون بمعنى أو في الإِباحة والتخيير، كما يقال: جالس الحسن وابن سيرين، أي: أحدهما، انتهى، وفي نسخة: وفي أصل ابن الصواف: وتموت بردًا، قال: أي: ابن عمر: ليس به بأس، أي: لا كراهة بأكل السمك الذي مات بردًا، فقال سعيد الجاري: وفي نسخة: قال بلا فاء، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول مثل ذلك، أي: كما قاله ابن عمر، يعني قال: لا كراهة في أكله، وليحيى قال سعيد الجاري: ثم سألتُ عبد الله بن عمرو بن العاص فقال مثل ذلك.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل أنا وأصحاب أبي حنيفة إلا بما رواه سعيد الجاري عن ابن عمر: إذا ماتت الحيتان من بردٍ أو حُرٍّ أو قَتْل بعضِها بعضًا فلا بأس بأكلها، فإذا ماتت ميتة نفسِها بالإِضافة اللاميتة فطفت أي: علت على الماء، فهذا الذي يكره من السمك، أي: لما تقدم، فأما ما سوى ذلك فلا بأس به.
وقال الدميري - من الشافعية: السمك بجميع أنواعه حلال بغير ذبح، سواء مات بسبب ظاهر أو صدمة حجر، أو انحسار ماء، أو ضرب (ق ٦٧٤) الصياد، أو مات حتف أنفه لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحِل لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال"، وأجمع المسلمون على طهارة ميتتهما ولو صادهما مجوسي لقول الحسن البصري: رأيتُ سبعين صحابيًا كلهم يأكلون صيد المجوس من الحيتان، ولا يتجلجل ولا ينحصر في صدورهم شيء.