بيان أسرار النهي في الأوقات الثلاثة عن الصلاة عند - أي: حين - طلوع الشمس وعند غروبها، والمناسبة بين هذا الباب وبين السابق ظرف الزمان والمكان، ويجوز في عين عند ثلاث حركات، كما في (القاموس)، وكسرها أكثر من ضمها وفتحها؛ فإنهم اسم المكان الحضور وظرف لا مصدر أو لزمانه، نحو الصبر عند الصدمة الأولى، وجئتك عند طلوع الشمس، ومعناه القرب كما قال تعالى في سورة النجم: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: ١٤، ١٥]، فساغ أن تتصرف الأسماء وتعرف، كما قاله ابن الهمام فإضافتها إلى طلوع الشمس من قبيل إضافة المحل إلى الحال، فإن قيل: لم قيد المصنف الصلاة بقيد؟ أجيب: إشعارًا بأن الصلاة التي نهى المؤمنون عنها ليست جميع الصلوات، بل هي الصلاة حين طلوع الشمس وعند زوالها، وعند غروبها، وإنما كرر كلمة "عند" لتأكيد النهي حكمًا.
قال الشيخ الإِمام العالم العامل الزاهد الفقيه أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي في (خزانة الفقه): ثلاث أوقات لا يجوز فيها شيء من الصلاة، ولا سجدة تلاوة: حين تنزع الشمس حتى تبيض، وحين تنصب في كبد السماء، أي: وسطها حتى تزول، وحين تصفر الشمس للغيبوبة حتى تغرب، وحين تنصب إلا عصر يومه، انتهى.
١٨٠ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يتحرى أحدُكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها".
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: بنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا أخبرنا نافع أي: مولى عبد الله بن عمر، المدني، وفي نسخة:"عن" موضع "أخبرنا"، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتحرى أي: لا يطلب ولايقصد أحدُكم قوله: لا يتحرى بصيغة النفي، وفي نسخة: لا يتحر بصيغة النهي.
(١٨٠) أخرجه: البخاري (٥٦٠)، ومسلم (٨٢٨)، والنسائي (٥٦٢)، وأحمد (٤٨٧٠)، ومالك (٥١٣)، وابن حبان (١٥٤٨)، والشافعي في المسند (٨٠٤)، وعبد الرزاق في مصنفه (٣٩٥١)، والبيهقي في الكبرى (٤٤٨١).