لتشويش قلب المصلي عندنا، وروى ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة، رضي الله عنه مرفوعًا: صلوا في مراح الغنم، وامسحوا رغامها؛ فإنها من دواب الجنة (١). والرغام، بضم الراء المهملة، والغين المعجمة، ما يسيل من أنفها.
قال محمد: أي: المصنف ابن الحسن بن فرقد الشيباني، الكوفي من أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من الطبقات الحنفية، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، مات في اليوم الذي مات في الكسائي وقال الرشيد في حقه: دفن الفقه والعربية في الري، وبهذا أي: بحديث أبي هريرة نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، لا بأس لا فساد بالصلاة تُصلى في مَراح أي: في موضع طاهر من مرابض الغنم، وإن كان أي: ولو وجد فيه أي: في جانب واحد من أبوالها وبعرها؛ أنث الضمير باعتبار جنسه، وما أكل على بناء المجهول، لحمها، أي: من غيرها كالإِبل والبقرة، وفي نسخة: ما أكَلْتَ على صيغة الخطاب، والظاهر أن من تعرف الكاتب فلا بأس ببوله، وفي نسخة: ما أكل لحمه فلا بأس ببولها، وما موصولة مبتدأ، وأكل صفته ولحمها نائب الفاعل، لأكل فلا بأس خبر المبتدأ، وفيه: أنه لا دلالة في الأحاديث السابقة على أن يصلى فوق بولها أو بعرها من غير سجادة ونحوها، بل قول أبي هريرة: صل في ناحية، يأتي عن هذا المعنى، وأيضًا فلا يحصل الفرق حينئذٍ بين مرابض الغنم ومعاطن الإِبل.
والشارع - صلى الله عليه وسلم - فرَّق بينهما، وفضَّل (ق ١٨٢) فيهما، وقالوا: صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإِبل، وأما طهارة بول مأكول اللحم ودونه فيومئذٍ من دليل آخر، محمد خلافًا لأبي حنيفة، وأبي يوسف؛ فإنه نجس نجاسة خفيفة عنهما، ولذا لم يقل هنا، وهو قول أبي حنيفة؛ إلا أنه يجوز عند محمد: شرب بول ما يؤكل لحمه للتداوي وغيره، ويجوز عند أبي يوسف للتداوي؛ لحديث العرنيين، ولا يجوز عند أبي حنيفة مطلقًا، ولعله يحمل الحديث على التخصيص، أو وجد ما يدل على نسخه، والله أعلم.
لما فرغ من بيان جواز الصلاة في مرابض الغنم، شرع في بيان عدم جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة، فقال: هذا