للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الإِمام، الأصبحي، منسوب إلى ملك ذي أصبح، من ملوك اليمن، وهو من أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا وفي نسخة قال: ثنا نافع، أي: المدني مولى ابن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: لا يصلي الرجل هذا نفي بمعنى النهي تأكيدًا بأن الرجل لا يصلين على جنازة إلا وهو طاهر، أي: من الحدث الأكبر والأصفر، وهذا موقوف حقيقة، ومرفوع حكمًا، كما روى مسلم مرفوعًا، لا يقبل الله صلاة بغير طهور.

قال محمد: وبهذا أي: بقول ابن عمر نأخذ أي: نعمل ونُفتي، لا ينبغي أي: لا يجوز ولا يصح، أن يصلي أي: أحد على الجنازة إلا طاهر، أي: حقيقة، فإن فاجأته أي: أدركته الصلاة فجاءت فبلغته بغتة، وهو أي: الرجل على غير طُهُورٍ أي: سواء كان محدثًا أو جنبًا، وفي نسخة: وضوء تَيَمَّمَ فإن التيمم خلف الوضوء أو الغسل، وهو في اللغة القصد، وفي الشريعة: طهارة حاصلة باستعمال الصعيد الطاهر في عضوين مخصوصين، وهما: الوجه واليدان إلى المرفقين، والأصل في شرعيته قوله تعالى في سورة المائدة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء" (١)، والحاصل أن التيمم من خصائص هذه الأمة، لما روى مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء" (٢)، وشرط لصحة التيمم النية، وهو أن يقول من أراد التيمم حين ضرب يديه على ما يقيم به: نويت (٣) التيمم للطهارة من الحدث، وصورة التيمم على وجه المسنون أن يمسح بعد الضربتين بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الأصابع إلى المرفق، ثم يمسح بباطن كفه اليسرى باطن ذراع اليمنى إلى الرسغ، ويمر بباطن إبهام اليسرى على ظاهر إبهام اليمنى، ثم يفعل بيده اليسرى كذلك، وهذا هو الأحوط ولو مسح بكل الكف والأصابع جاز، كذا قاله


(١) أخرجه: أبو داود (٣٣٣)، والترمذي (١٢٤)، وأحمد (٢٠٧٩٧).
(٢) أخرجه: مسلم (٥٢٢).
(٣) النية محلها القلب، فالتلفظ بها بدعة. (المحقق).

<<  <  ج: ص:  >  >>