للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج أبو داود والنسائي (١) عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضفدع؛ لأن النبي نهى عن قتله، والنهي عن قتل الحيوان إما لحرمة كالآدمي، وإما لتحريم أكله كالقرد، والضفدع ليس بمحرم، فكان النهي منصرفًا إلى أكله، كما قاله الشمني.

قال (ق ٥٠) الشافعي: جميع حيوانات البحر حلال لقوله تعالى في سورة المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: ٩٦]. وقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]، والطبائع السليمة تستخبث غير السمك.

كذا قاله ابن الملك في شرح (مجمع البحرين): يقول الفقير: والصيد هنا مطلق، والمطلق يُصرف إلى الكمال، في صيد البحر السمك، ويكره أكل السمك الذي مات بغير آلة معلومة.

وقال الشافعي: لا يكره لإِطلاق ما تمسك به من الآية، وكذا ما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفى - أي: علا على الماء - فلا تأكلوه" (٢). وجزر بجيم فزاي فراء مهملة: انكشف وبعد عن الماء.

كذا قاله الشمني، وذكر في (الحقائق): سمكة بعضها في الماء وبعضها في الأرض ميتة، لا تؤكل، وإن كان رأسه خارج الماء أكلت، وإن كان في الماء، وكان منها على الأرض قدر النصف، أو أقل لم تؤكل، وإن كان منها على الأرض أكثر من النصف، كذا قاله ابن الملك في شرح (مجمع البحرين).

فائدة لطيفة: حُكِي أن هارون الرشيد بن مروان، خرج ذات يوم للصيد، فأرسل شاهينًا له فغاب عنه زمانًا، ثم أتى وفي فمه سمكة فأحضر هارون الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك، فقال مقاتل: يا أمير المؤمنين: روينا عن جدك خير الأمة: عبد الله بن عباس


(١) أخرجه: أحمد (١٥٣٣٠)، والدارمي (١٩٣٠)، وابن أبي شيبة (٥/ ٤٦٤)، والحاكم (٥٨٨٢)، والبيهقي في الكبرى (١٩٩٢٢).
(٢) أخرجه: أبو داود (٣٨١٥)، وابن ماجه (٣٢٤٧) بسند ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>