مالح، ومرور ريحه منتنة، فإن قيل: أي شيء وحدث تحت البحر، أجاب عنه أبو الشيخ ابن حبان، وأخرج عن ابن عمر، وقال: تحت بحركم هذا بحر من نار، وتحت ذلك البحر بحر من ماء، وتحت ذلك البحر بحر من نار، حتى عد سبعة أبحر من نار، وتحت تلك البحور أبحر من ماء، كما أورده السيوطي في (الهيئة السنية)، قال أبو عبد الله: فيه جواز ركوبه لغير حج ولا عمرة ولا جهاد؛ لأن السائل إنما ركبه للصيد، كما جاز من غير طريق مالك، وكذا يجوز ركوبه للسفر لطلب العلم والتجارة وصلة الرحم، ونحمل معنا القليل من الماء أي: بقدر الاكتفاء، فإن توضأنَا به عَطِشْنَا؛ بكسر الطاء، أي: نحن ورفقاؤنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ وضع المظهر موضع المضمر، وهو خلاف الظاهر، ومقتضى الظاهر أن يقول السائل: بمائه لزيادة تمكن ماء البحر في ذهن السامع.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو أي: البحر، الطُّهُورُ ماؤهُ هو: بفتح الطاء، أي: ماء البحر مطهر من قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨]، فيلزم أن يكون مطهر، وتقديم المسند إليه؛ لتقوي الحكم وتقريره في ذهن السامع، وتعريف المسند، لإِفادة السامع حكمًا على أمر معلوم للسامع، باعتبار تعريف البحر، فحينئذٍ يفيد قصر الجنس على شيء تحقيقًا؛ نحو زيد الأمير إذا لم يكن أمير سواه، يعني: تقديم المسند إليه، وهو: لفظ (هو) لتقوي حكم جواز الوضوء بماء البحر في ذهن السامع، وتعريف المسند، وهو لفظ: الطُّهُورُ؛ لإِفادة السائل حكم طهورية مياه البحار، وجواز الوضوء بمياه البحار، وهو معلوم للسائل، فيفيد قصر جميع مياه البحار على الطهورية، وكون المسند [جملة] اسمية يفيد استمرار طهورية مياه البحار، وأما إضافة لفظ [ماء] إلى ضمير البحر، فلكون الفائدة أتم، فليطلب تفصيل هذه القاعدة في المسند إليه والمسند في علم المعاني، ولما عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر، أشفق، أي: خاف عليه أن يشتبه عليه حكم ميتة البحر وقد يُبتلى بها ركاب البحر، فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة فقال: الحلالُ مَيْتَتُه، أي: ميتة البحر وهي السمك فقط، عند أبي حنيفة رحمه الله، {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧]، وما عدا السمك.
وذكره في (النقاية): ولا يحل حيوان مائي سوى السمك، قال الله تعال في سورة الأعراف:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧]، وما عدى السمك خبث.