للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأكله، فأما أبو حنيفة: فإنه كان يكره أكله حتى يَخْرج حيّا فيذكى، وكان يرْوي عن حماد عن إبراهيم، أنه قال: لا تكون ذكاة نفسٍ ذكاة نَفسَيْن.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا يزيد بن عبد الله بن قسيْط، بضم القاف، وفتح السين المهملة، وسكون التحتية، فطاء مهملة، ابن أسامة الليثي الأعرج ثقة، يُكنى أبا عبد الله المدني، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة وله سبعون سنة، عن سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، كان في الطبقة الأولى من طبقات كبار الفقهاء، من أهل المدينة، اتفقوا على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير، وهو ابن أربع وثمانين سنة، كذا قاله ابن الجوزي، وابن حجر، أنه كان يقول: ذكاة ما في بطن الذبيحة أي: إبلًا أو بقرًا أو غنمًا، ذكاة أُمَّه أي: كذكاتها فيه من التشبيه البليغ، إذا كان قد نبت شعره وتمّ خلقه، أي: هيئته التي خلقها الله عليها، ولو ناقص يدًا ورجل، كذا قاله سعيد بن زيد الباجي المالكي، قوله: نبت شعره، أي: شعر جسده لا شعر عينيه وحاجبيه، وإلا لم يؤكل، كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله سعيد بن المسيب، إذا تمّ خَلقه أي: ومن جملة تمام خلقه إجزائه نبت شعره، فذكاته في ذكاة أُمِّه، أي: حكمًا، فلا بأس أي: لا كراهة بأكله، أي: حل أكله، لما أخرجه أبو داود (٢) عن جابر، والترمذي (٣)، وقال: حسن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ذكاة الجنين ميت حل أكله"، وبه قال الشافعي. فأما أبو حنيفة: فإنه كان يكره أكله أي: يقول: لا يحل أكله، حتى يَخْرج أي: إلى أن يخرج حيّا فيذكى، (ق ٦٧٦) أي: فيذبح، ومعنى الحديث عنده كذكاة أمه، والتشبيه بهذا الطريق كثير، قال تعالى في سورة آل عمران: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: ١٣٣]، ويدل على هذا أنه روي ذكاة


(١) في شرحه (٣/ ١١١).
(٢) أبو داود (٣/ ١٠٣).
(٣) الترمذي (٤/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>