قال محمد: وبهذا نأخذ، يعجبنا تعجيل زكاة الفطر قبل أن يخرج الرجل إلى المصلى، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا وفي نسخة: عن نافع، أي: المدني مولى ابن عمر، أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر أي: يرسلها إلى الذي تُجْمَع أي: الزكاة عنده، والظرف في قوله: قبل الفطر بيومين أو ثلاثة، متعلق بيبعث، وفي رواية البخاري: كان ابن عمر يعطيها للذي يقبلها، أي: الذي نصبه الإِمام لقبضها، وفي قوله: قبل الفطر، دليل على جواز إعطاء زكاة الفطر قبل يوم عيد الفطر.
قال محمد: وبهذا أي: بقول ابن عمر نأخذ أي: نعمل، يعجبنا من الإِعجاب، أي: يستحب لنا تعجيل زكاة الفطر لقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[آل عمران: ١٣٣]؛ ولأن في التأخير أنه تفوته قبل أن يخرج الرجل إلى المصلى، متعلق بقوله: تعجيل زكاة الفطر، وللاتباع بحديث ابن عمر في الصحيحين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج زكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة، أي: إلى صلاة العيد، وهو أي: إخراج زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، واتباع لقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: ١٤]، أي: إخراج زكاة فطره {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[الأعلى: ١٥]، أي: بالتكبير في طريق المصلى، {فَصَلَّى} أي: صلاة العيد، وقال خلف بن أيوب: يجوز إعطاءها في رمضان، ولا يجوز في غيرها قبله، وهو اختيار الإِمام أبي بكر محمد بن الفضل، وهو الصحيح، وعليه الفتاوى كما في (الظهرية)، وهو مذهب الشافعي، وقيل: يجوز في العشر الأخير من رمضان لا قبله، وهو الأظهر، وعند الحسن بن زياد ولا يجوز تعجيلها كالأضحية؛ فإنها لا تصح لأهل القرى، قبل طلوع الفجر الثاني من يوم الأضحى، ولا تصح لأهل المصر، قبل صلاة العيد، ثم إن زكاة الفطر لا تسقط بتأخيرها عن يوم عيد الفطر؛ لأنها شرعت لدفع حاجة الفقير، أو لإِغنائه عن المسألة في هذه الأيام، فلا يقدر وقت لأدائها كالزكاة.
لما فرغ من بيان أحكام زكاة الفطر، شرع في بيان أحكام صدقة الزيتون (ق ٣٦٥)، فقال: هذا