للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة ومحمد، وهو قول أكثر العلماء، ومرتين عند (ق ٧١٤) أبي يوسف وأحمد وابن أبي ليلى وزُفر، وقال الحسن وداود وابن بنت الشافعي: ليس للسرقة نصاب مقدر لإِطلاق الدية، ولما روى الشيخان (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله السارق بسرق بيضة فيقطع يده، ويسرق الحبل ويقطع يده"، وأجيب بأن الآية مقيدة بالنصاب كما هي مقيدة بالمال، وبأن الحديث قال فيه البخاري: قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل ما يساوي دراهم، والراد بالحبل حبل السفينة، وقال مالك وأحمد: نصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وقال الشافعي والأزرعي والليث: ربع دينار لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يُقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا"، وسيأتي أدلتنا، كذا قاله علي القاري.

٦٨٢ - أخبرنا مالك، حدثنا الزهري، عن السائب بن يزيد: أن عبد الله بن عمرو بن الحَضْرَمِيّ؛ جاء إلى عمر بن الخطاب بعبدٍ له، فقال: اقطع هذا فإنه سرق، فقال: وماذا سرق؟ قال: مِرْآةً لامرأتي ثمنها ستون درهمًا، قال عمر: أرسله؛ ليس عليه قطع، خادمُكم سرق متاعكم.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أيّما رجلٍ له عبد سرق من ذي رحم مَحْرم منه، أو من مولاه، أو من امرأة مولاه، أو من زوج مولاته، فلا قطع عليه فيما سَرق، وكيف يكون عليه القطع فيما سرق من أخته، أو أخيه، أو عمته، أو خالته، وهو لو كان محتاجًا زَمِنًا أو صغيرًا، وكانت محتاجة أجبر على نفقتهم، وكان لهم في ماله نصيب، فكيف يُقطع من سرق ممن له في ماله نصيب، وهذا كله قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، حدثنا الزهري، وهو محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، ثقة فقيه، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين


(١) البخاري (٦/ ٢٤٣٩) رقم (٦٤٠١)، ومسلم (٣/ ١٣١٤) رقم (١٦٨٧).
(٦٨٢) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>