للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] يعني جعل مدة الحمل والفصال ثلاثون شهرًا، والظاهر أنها مدة لكل واحد منهما، وقد دل الدليل على انقضاء هذه المدة (ق ٦٥٣) في حق الحمل ويتبقى في الآخر وهو الفصال على حالها فيقول: أي: أبو حنيفة يحرّم ما كان في الحولين أي: في السنتين وبعدهما أي: بعد الحولين إلى تمام ستة أشهر، وذلك أي: مجموعهما ثلاثون شهرًا, ولا يُحرّم ما كان بعد ذلك، أي: لأن الرضيع لا يحصل فطامه في ساعة واحدة، بل لا بد من زيادة على الحولين يتعود فيها بالطعام ينسى اللبن فقدر ذلك بأدنى مدة الحمل وهي ستة أشهر لأنها مدة ينتقل فيها الصبي من غذا إلى غذاء؛ لأن غذاء الجنين غير هذا الرضيع، كذا علله بعض العلماء وفيه بحث؛ لأنه يمكن بهذا التدرج قبل الحولين نعم لو لم يجز الطعام قبلهما فربما كان يعتبر مثل هذا؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، ومع هذا كون القول به أحوط بعيد إذ لا ضرر في نفي الرضاعة بخلاف إثباتها فإن يتفرغ عليه أمور كثيرة كما لا يخفى ونحن أي: نفسه وأبو يوسف وغيرهما من العلماء الحنفية لا نرى أي: لا نختار أنه يحرّم أي: ما كان بعد الحولين ونرى أي: يختار أنه لا يحرم ما كان بعد الحولين تأكيد لما قبله وربما كان تلك العبارتين باعتبار النسختين.

وأما لبن الفَحْل: أي: الرجل وهو زوج المرأة بأن يكون لبنها فمنه فإنا نراه يحرّم، أي: عليه وعلى من ينسب إليه ونرى أنه يحرم من الرضاع وفي نسخة: الرضاعة ما يحرم من النسب، أي: كل ما ورد في الأحاديث الصحيحة فالأخ من الرضاعة من الأب تحرم عليه أخته من الرضاعة من الأب، كما قال تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] وإن كانت الأمَّات أي: أم الأخ والأخت مختلفتين إذا كان لبنهما من رجل واحد، كما قال عبد الله بن عباس: اللَّقاح بكسر اللام أي: اللبن واحد، فبهذا أي: بما ذكر من لبن الفحل نأخذ، أي: نعمل جميعًا وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

لما فرغ من بيان أحكام الطلاق وغيره، شرع في بيان أحكام الأضحية، فقال: هذا

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>