للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان قبل الحولين" ولأبي داود عن ابن مسعود موقوفًا: "لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم" ورواه مرفوعًا: "إنما الرضاع ما أنشر العظم وفتق الأمعاء".

قال محمد: لا يحرّم الرضاع أي: المص بالنكاح إلا ما أي: رضاع كان في الحولين، أي: في أربعة وعشرين شهرًا من الرضع هذا مدة الرضاع فما كان فيهما أي: في الحولين من الرضاع بيان بما وفي نسخة: من رضاع وإن كانت أي: الرضاع مصّة واحدة أي: قطرة واحدة فهي تحرّم، أي: النكاح كما قال عبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وسبق أحاديث وردت بذلك وبيان صدق الشافعي هنالك وما أي: الرضاعة كان بعد الحولين لم يحرّم شيئًا؛ لأن الله عز وجل قال: في سورة البقرة: {وَالْوَالِدَاتُ} أي: الأمهات {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ} أي: أربعة وعشرين شهرًا من الرضع نزلت لبيان مدة الرضاع المثبت للحرمة، قوله: {يُرْضِعْنَ} خبر في معنى الأمر أي: ليرضعن، والأمر للاستحباب لأنه لا يجب على المطلقة إرضاع ولدها من زوجها الذي طلقها إن وجد من ترضعه ويجب إن لم توجد، ولم يقبل الولد ثدي غير الأم أو عجز الأب عن الاستئجار قوله: {كَامِلَيْنِ} وصف للحولين بالكمال لتأكيد إرادة الحقيقة؛ لأن بعض الحولين يسمى حولين تجوزًا فعلم بالكاملين أن المراد بغير نقصان قوله: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، لبيان لمن توجه إليه الحكم أي: هذا الحكم لمن أراد تمام الرضاع، واللام تتعلق بيرضعن حولين لمن أراد أن يكمل الإِرضاع من الأب؛ لأن الأب يجب عليه إرضاع الولد دون الأم إلا إذا رضيت الأم بإرضاعه، فالإِرضاع مستحب من الأم ولا تجبر عليه، ولا يجوز استئجار الأم عند أبي حنيفة ما دامت زوجة ويجوز عند الشافعي، فمفهومه أنه يجوز عدم تمامها إن أراد كما جاء في قوله تعالى: سورة البقرة: {فَإِنْ أَرَادَا} أي: الوالدان {فِصَالًا} أي فطامًا للصغير قبل الحولين {عَنْ تَرَاضٍ} باتفاق {مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} أي: بمشاورتهما {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي: لا حرج على الوالدان "في ذلك" يعني: سواء زاد على الحولين أو نقصا وهذه توسعة بعد التحديد.

قال العلماء: إن قطع الغلام عن الثدي لا يضر الولد وإنما اعتبر اتفاق الوالدين لما في الأدب من الولاية وفي الأم شفقة فتمام الرضاعة الحولان فلا رضاعة أي: كانت بعد تمامها أي: الرضاعة، وفي نسخة: تمامها يحرّم شيئًا، أي: لأنه لا زيادة على الكمال وكان أبو حنيفة يحتاط بستة أشهر بعد الحولين، أي: مستدلًا بقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>