للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضاع وإن كانت مصّة واحدة فهي تحرّم، كما قال عبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وما كان بعد الحولين لم يحرّم شيئًا؛ لأن الله تعالى قال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، فتمام الرضاعة الحولان فلا رضاعة بعد تمامها يحرّم شيئًا، وكان أبو حنيفة يحتاط بستة أشهر بعد الحولين، فيقول: يحرّم ما كان في الحولين وبعدهما إلى تمام ستة أشهر، وذلك ثلاثون شهرًا, ولا يُحرّم ما كان بعد ذلك، ونحن لا نرى أنه يحرّم ما كان بعد الحولين.

وأما لبن الفَحْل: فإنا نراه يحرّم، ونوى أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، فالأخ من الرضاعة من الأب تحرم عليه أخته من الرضاعة من الأب، وإن كانت الأمَّان مختلفتين إذا كان لبنهما من رجل واحد، كما قال عبد الله بن عباس: اللَّقاح واحد، فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا يحيى بن سعيد، بن قيس الأنصاري المدني يكنى أبا سعيد القاضي ثقة، كان من الطبقة الخامسة في طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة من الهجرة عن سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهو ابن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات، كان في الطبقة الأولى من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، اتفقوا على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير وهو ابن أربع وثمانين سنة، كذا قاله ابن حجر (١) وابن الجوزي في (طبقاتهما) أنه أي: يحيى سمعه أي: سعيد يقول: لا رضاعة أي: محرمة إلا في المهد، وهو يمهد للصبي لينام فيه ولا رضاعة أي: معتبرة إلا ما أنبت اللحم والدم أي. إنما هما فرضا الكبير لا يحرم لأنه لا ينبت شيئًا منهما, وللترمذي (٢) وحسنه "لا رضاعة إلا ما فتق الأمعاء


(١) التقريب (١/ ٢٤١).
(٢) الترمذي (٣/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>