للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درت بالتثليث، ورده ابن العربي بأن هذه زيادة لا تقبل إلا بدليل وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "للبكر سبع وللثيب ثلاث" (١) فجعله حكمًا مبتدأ، والأولى في رده أن قوله: درت إحالة على ما عرف من حاله، والمعروف منه في القسم إنما كان يومًا يومًا، وفي رواية لمسلم (٢) فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث" قالت: "ثلّث" قال عياض: اختارت التثليث مع أخذها بثوبه حرصًا على إقامته عندها؛ لأنها رأت إذا سبع بها لغيرها لم يقرب رجوعه إليها.

وقال الأبي: لاطفها - صلى الله عليه وسلم - بهذا القول الحسن، أي: ليس بك على أهلك هوان تمهيد للعذر في الاقتصار على الثلاث أي: ليس اقتصاري عليها لهوانك علي، ولا لعدم رغبة فيك، ولكنه الحاكم ثم خيرها بين الثلاث ولا قضاء لغيرها وبين السبع ويقضي لبقية أزواجه فاختارت الثلاث ليقرب رجوعه إليها؛ لأن في قضاء السبع لغيرها طول مغيبه عنها انتهى.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه عبد الملك عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن ينبغي إن سَبَّع عندها أي: الجديدة أن يسبِّع عندهن، أي: البقية لا يزيد أي: لها عليهنَّ شيئًا، وإن ثلَّثَ عندها أن يثلث عندهن، فيه أن ظاهر الحديث السابق أي: بعد التثليث هو الدور، ولا يفهم من التثليث عندهن إلا من دليل خارج يحتاج إلى بيانه، وقد قال مالك والشافعي وأحمد: إذا كانت الزوجة ثيبًا أقام عندها (ق ٥٦٢) ثلاثًا، وإن كانت بكرًا قام عندها سبعًا ثم يدور بالتسوية بعد ذلك، لما في مسلم (٣) عن خالد عن أبي قلابة عن أنس قال: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها [سبعا]، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا.

قال خالد: ولو قلت: رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك. ورواه ابن ماجه (٤) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "للثيب ثلاثًا وللبكر سبعًا" وهو قولُ أبي حنيفة والعامّة من فقهائنا لإِطلاق قوله تعالى في سورة النساء {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: ٣] أي: لا يجوزوا وقوله تعالى في سورة النساء:


(١) صحيح: أخرجه مسلم في الصحيح (١٤٥٩).
(٢) مسلم (١٤٥٩).
(٣) مسلم (١٤٦١).
(٤) ابن ماجه (١٩١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>