للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعرج، ويكنى أبا داود المزين، مولى ربيعة بن الحارث ثقة ثبت عالم، كان في الطبقة الثالثة من أهل المدينة مات سنة سبع عشرة بعد المائة. كذا قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب) (١) عن أبي هريرة: رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَجْمَع الرجل بين المرأة وعمتها، في نكاح واحد ولا بين المرأة وخالتها". أي: حرم الجمع بينهما فلو نكحهما معًا بطل نكاحهما، إذ ليس تخصيص إحديهما بالبطلان بأولى من الأخرى، فإن نكحهما مرتبا بطل نكاح الثانية؛ لأن الجمع حصل بها، وقد بين ذلك في رواية أبي داود والترمذي، وقال: صحيح من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه: لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أخيها، ولا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى.

والمراد بالكبرى: العمة والخالة وبالصغرى بنت الأخ وبنت الأخت، وهو من عطف التفسير على جهة التأكيد والبيان؛ ولذا لم يجئ بينهما بالعاطف وكرر النفي تأكيد من الجانبين.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا قال عياض: أجمع المسلمون على الأخذ بهذا المنهي إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إليها، واحتجوا بقوله تعالى في سورة (ق ٥٦٤) النساء {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] ثم قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وقالوا: الحديث خبر واحد، والآحاد لا تخصص القرآن ولا تنسخه، وهي مستحيلة خلاف بين الأصوليين، والصحيح الأمرين؛ لأن السنة تبين ما جاء عن الله تعالى؛ ولأن علة المنع من الجمع بين الأختين وهي ما تحتمل عليه الغيرة من التقاطع والتدابر موجود في ذلك، وقال بعض أهل السنة: عليه جملة القرابة فمنع الجمع بين بنت العم وبنت العمة والخال والخالة، والجمهور على خلافه وقصر التحريم على ما ورد فيه نص أو ما ينطق عليه لفظه من العمات والخالات وإن علون، كما قال ابن شهاب في الصحيحين: فترى عمة أبيها وخالة أبيها بتلك المنزلة، وهو صحيح؛ لأن كل منهما يطلق عليه اسم عمة وخالة؛ لأن العمة هي كل امرأة تكون أختًا لرجل له عليك ولادة، فأخت الجد للأب عمة، وأخت الجد للأم خالة انتهى.


(١) التقريب (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>