بينهما صداق أي: مهر بل يضع كل منهما صداق الأخرى، مأخوذ من قولهم: شغر البلد عن السلطان إذا خلا عنه لخلوه عن الصداق أو لخلوه عن بعض الشرائط.
وقال ثعلب: من قولهم: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كان كل من الوليين يقول للآخر: لا ترفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك، وفي التشبيه بهذه الهيئة القبيحة تقبيح للشغار وتغليظ على فاعله، وأكثر رواه مالك لم ينسبوا هذا التفسير لأحد، ولذا قال الشافعي: ما أدري أهو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ابن عمر أو نافع أو مالك وصله بالمتن المرفوع بين ذلك ابن مهدي والقعنبي ومحرق بن عوف فيما أخرجه أحمد.
قال سعيد بن زيد الباجي المالكي قوله: نهى عن الشغار مرفوع اتفاقًا وباقيه من تفسير نافع، والظاهر أنه من جملة الحديث حتى يتبين أنه من (ق ٥٧١) قول الراوي. انتهى.
قال عياض عن بعض العلماء: كان الشغار من نكاح الجاهلية ويقول: شاغرني وليي بوليتك أي: عاوضني جماعًا بجماع، ولا خلاف في أن غير الثيب من الإِماء والأخوات وغيرهن حكم البنت.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن ابن عمر لا يكون الصداق نكاح أمرأة كذا في الأصل، والظاهر إنه وهم، ويمكن حمله على القلب.
فإن تزوَّجها أي: امرأة من وليها على أن يكون صداقها أن يزوِّجَهُ ابنته أي: مثلًا فالنكاح جائِز، أي: والشرط فإنه لا يفسد النكاح بفساد الصداق عند أبي حنيفة والشافعي.
وعن مالك وأحمد روايتان ولها أي: لازم عليه لأجلها صداق مثلها من نسائها، أي: من من نساء قومها باعتبار وصفها لا وَكْسَ بفتح الواو وسكون الكاف والسين المهملة أي: لا نقص ولا شَطَطَ، بفتحتين أي: ولا زيادة، ومنه قوله تعالى في سورة الجن:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا}[الجن: ٤] أي: كاملًا باطلًا متعديًا عن الحق وهو أي: ما رواه نافع قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا رحمهم الله.
لما فرغ من بيان حكم في نكاح الشغار، شرع في بيان حكم في نكاح السر، فقال: هذا