للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر: اختلف أصحابنا في قول عمر هذا فقال بعضهم: كل واحد من هؤلاء يجوز نكاحه إذا أصاب وجه النكاح من الكفء والصلاح.

وقال آخرون: على الترتيب لا على التخيير، كما قاله الزرقاني (١).

قال محمد: لا نكاح أي: لا يصح النكاح إلا بوَليّ، فإن تَشاجَرَت أي: تنازعت هي والوَلِيّ أي: بأن رضيت هي دونه. فالسُّلطان وَلِيّ منْ لا وَلِيّ له أي: والولي المذكور عند مخالفته لها صار كالقدم.

وأما أبو حنيفة فقال: إذا وضعت نفسها في كفاءة ولم تُقَصِّر في نفسها أي: في حقها في صَدَاق، أي: مهر مثلها فالنكاح جائز، أي: منفذ من غير اعتراض ولي عليها ومن حُجَّته أي: بعض أدلة أبي حنيفة رحمه الله قول عمر رضي الله عنه هذا الحديث: "أو ذي الرَّأي من أهلها"، أنه ليس بَوَلِيّ، أي: أقرب وقد جاز أي: عمر رضي الله عنه نكاحه؛ أي: تزويج ذي الرأي لأنَّه إنما أراد أن لا تُقَصِّر بنفسها، أي: من اعتبار كفاءة وتمام مهر المثل، وفي نسخة: نفسها فإذا فعلت هي أي: بنفسها ذلك أي: ما ذكر من أمر الكفاءة ومهر المثل جاز أي: النكاح؛ لأن المقصود من المولى ذلك فإن المرأة قد تقصر في حقها, لنقصان عقلها وميل بعلها أن لا تلتفت إلى كدها وتمام مهرها، فإذا قامت بهما بنفسها فلا اعتراض لأحد عليها.

والحاصل: أنه ينفذ نكاح امرأة مكلفة ثيبًا كانت أو بكرًا ولو من غير كفء بلا ولي، وله اعتراض فيما لو زوجت نفسها من غير الكفء بأن يطلب من الحاكم التفريق بينهما للحوق الباذلة بمظاهرة غير الكفء وهذا كله عند أبي حنيفة، وكان أبو يوسف أولًا يقول: إن النكاح لا ينعقد إذا كان لها ولي، ثم رجع وقال: إن كان الزوج كفءً انعقد النكاح وإلا لم ينعقد، ثم رجع وقال: ينعقد سواء كان الزوج كفء أو لم يكن، وقال مالك: ينعقد إذا كانت خسيسة، وقال الشافعي وأحمد: لا ينعقد بعبارة النساء، لما تقدم، كما قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان حكم النكاح من غير وليها، شرع في بيان حكم النكاح بغير تقدير المهر، فقال: هذا

* * *


(١) في شرحه (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>