تزوّجت حين حَلَّت، أي: خرجت من عدتها فمكثت عند زوجها أي: لبثت وقعدت عند زوجها الثاني أربعة أشهر ونصفًا، أي: نصف شهر ثم وَلَدَت ولدًا تامَّا، أي: كاملًا غير سقط ناقص الخلقة فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أي: فأخبره بما جرى له في هذا الباب فدعا عمر نساء أي: جماعة من نساءِ أهل الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، أي: مما جرى هنالك فقالت امرأة منهنّ: أنا أُخْبرك: أي: بحقيقة الأمر أما هذه المرأة فهلك وفي نسخة الشارح: فإنما زوجها حين حملت، أي: حبلت فَأُهْريقت بضم الهمزة وسكون وفتحها، أي: صببت الدماء، فَحَشَّ بفتح الحاء المهملة وبفتح السين المعجمة المشددة، بمعنى يبس وَلَدُها في بطنها، كما يقال: أحشيت السيد إذا يبست وثلث، كما قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري) فلما أصابها أي: وطئها زوجها الذي نكحته على بناء الماضي للمجهول وأصاب أي: وصل الولدَ بالنصب على أنه مفعول مقدم على الفاعل اهتمامًا لشأنه: وهو الماء أي: مني زوجها، تحرّك الولد في بطنها، وكبر، بفتح الكاف وضم الموحدة، أي: جشم وظهر كبره وثقله، فإذا قرئ بكسر الموحدة يكون بمعنى أسن أي: طال عمره لكن المراد هو الأول هنا فَصَدَّقها عمر بذلك، أي: الخبر وفرَّق بينهما، أي: حكم أو أمر بالتفريق بينهما وقال عمر: أما بالتحقيق للتنبيه إنه أي: الشأن لم يبلغني عنكما إلا خير، أي: صلاح وديانة وإنما قال عمر هذا القول تطييبًا بقلبي الزوج والزوجة وترغيبًا بهما لإِطاعة الشرع وأَلْحَقَ الولد بالأوّل أي: سلمه بأقارب زوجها الأول توفر عنها، فإن قيل: كيف يصل ماء الزوج الثاني إلى الولد في بطن أمه وقد طبع الله فم الرحم، أجيب عنه بأن مائه يصل إليه فيه بالترشح، كما يجتمع البول في المثاني بالترشح كذا نقله الزيلعي عن الأطباء.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الولد ولد الأوّل, لأنها جاءت به أي: ولدته عند الآخر بفتح الخاء المعجمة وكسرها والأول أظهر فتدبر لأقل من ستة أشهر، اللام للتوقيت أي: زمان أقل من أقل مدة الحمل ولا تلد المرأة ولدًا تاما لأقل من ستة أشهر؛ لقوله تعالى في سورة الأحقاف:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] فأكثر الرضاع حولان، وأقل الحمل ستة أشهر فهو ابنٌ للأوَّل، (ق ٥٨٦) ويفرق أي: يحكم القاضي بالتفريق بينها وبين الآخر، أي: سواء