للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكنت الهمزة الأصلية، كما في قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: ١٣٢] لكن استعملتها العرب بلا همزة فقالوا: مره لكثرة الدور؛ ولأنهم حذفوا أولًا الهمزة الثانية تخفيفًا ثم (ق ٥٩١) حذفوا همزة الوصل استغناء عنها لتحرك ما بعدها أي: مر ابنك عبد الله فليراجعها، أي: بالقول، أو الفعل حال عدتها الرجعية، والأمر للوجوب عند مالك وجماعة، وصححه صاحب (الهداية) من الحنفية، وللندب عند الأئمة الثلاثة، ولا حجة لهم في أنه إنما أمره بالرجعة أبوه، وليس له أن يضع الشرع؛ لأنه أمره بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مبلغ، وأما استدلالهم بقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] وغيرها من الآيات المقتضية للتخيير بين الإِمساك للرجعة أو الفراق بتركها، فيجمع بينهما وبين الحديث بحمل الأمر فيه على الندب جمعًا بينهما، فليس بنا إذ الأصل في الأمر الوجوب فيحمل عليه، ويخص عموم الآيات بمن لم يطلق في الحيض ثم يُمسكها أي: يديم إمساكها وإلا فالرجعة إمساك وفي رواية يحيى التيمي: ثم ليتركها ولإِسماعيل: ثم ليمسكها بإعادة اللام مكسورة، ويجوز تسكينها كقراءة {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] فالكسر على الأصل في لام الآخر فرق بينهما وبين لام التأكيد والسكون للتخفيف إجراء للمنفصل مجرى المتصل، وفي رواية: ثم ليدعها حتى تطهير، ثم تحيض أي: حيضة أخرى ثم تطهر، إن شاء أمسكها بعدُ، أي: بعد الطهر من الحيض الثاني وإن شاءَ طلَّقها قبل أن يمَس، ولإِسماعيل: يمسها أي: يجامعها في طهر مس فيه للتلبيس أن لا يدري أحملت فتعتد بالوضع أو لا فبالإِقرار وقد يظهر الحمل فيندم على الفراق، وقد ذهب بعض الناس إلى جبره على الرجعة كالمطلق في الحيض فإن قيل: لم أمره أن يؤخر الطلاق إلى الطهر الثاني؟ أجيب بأن حيض الطلاق والطهر الثاني له بمنزلة قرء واحد، فلو طلق فيه، لصار كموقع طلقتين في قرء واحد، وليس ذلك بطلاق السنة، وبأنه عاقبه بتأخير الطلاق تغليظًا عليه جزاء بما فعله من الحرام من الطلاق في الحيض، وإن شاء طلقها قبل أن يمسها، أي: يجامعها، وفي نسخة: يمس بغير إضافة إلى ضمير المؤنث فتلك العدة التي أمر الله أي: بقوله في سورة الطلاق: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أن تطلَّق لها النساء" مرفوع على أنه نائب الفاعل لقوله أن تطلق فمحله منصوب؛ لأنه مفعول لقوله: أمر الله ولها ظرف لغو متعلق لتطلق، والظرف اللغو ما يكون الكلام تامًا بدونه، والأصل في كلام الفصيح أن يؤخر الظرف اللغو عن فاعل الفعل ومفعوله، لكن قدم هنا على الفاعل

<<  <  ج: ص:  >  >>