للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني مخبرتُكِ بضم الميم وسكون الخاء المعجمة فموحدة مكسورة فراء مفتوحة فتاء مضمومة مضافة إلى الكاف خبرًا، أي: أمرًا يتضمن خيرًا وما أحبّ أي: لا أرضى أن تصنعي شيئًا أي: حتى تتأملي في أمرك وتختاري ما يليق بقدرك إنَّ أمرك بيدكِ أي: اختيارك ما لم يمسّك، أي: ما دام لم يجامعك زوجك فإن مسّك فليس لك من أمرك شيء، أي: سقط خيارك، وفي نسخة: من الأمر قالت: أي: زبراء ففارَقَتْه أي: فاخترت نفسي وتركت زوجها، وفي (الموطأ) لمالك: فقلت هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثًا لأني كرهت الثبات معه.

قال محمد: إذا علمت أي: الجارية أن لها خيارًا أي: عند عتقها فأمرها بيدها، أي: إذا أعتقت ما دامت في مجلسها ما لم تقم منه، فإنه علامة الأعراض أو تأخذ أي: ما لم تشرع في عمل آخر فإنه في معنى الإِعراض أو حكمه أو يمسها، أي: وما لم يجامعها فإذا كان أي: وقع شيء من هذا أي: مما ذكر بطل خيارها، فأما إن مسها ولم تعلم بالعتق، أو علمت به أي: بالعتق ولم تعلم أن لها الخيار، فإن ذلك أي: ما ذكر من المس وعدم العلم لا يبطل خيارها، أي: يستمر بعد علمها إلى آخر عملها وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا وللشافعي أقوال أصحها: أن لها الخيار على الفور، والثاني إلى ثلاثة أيام، والثالث ما لم تمكنه من الوطء، ولو عتقت وزوجها حر فلا خيار لها عند مالك والشافعي وأحمد.

وقال أبو حنيفة: يثبت لها الخيار مع حريته، ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات في حرية زوج بريرة وعدمها مما يدل على أنه حرمًا روى الجماعة إلا مسلمًا من حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة واللفظ للبخاري أنها قالت: يا رسول الله إني اشتريت بريرة لأعتقها وإن أهلها يشترطون ولاءها فقال: "أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق"، قال: فإن اشتريتها فأعتقتها قال: وخيرت فاختارت نفسها وقالت: لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه، قال الأسود: وكان زوجها حرًا أو عبدًا أسود يقال له: مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس: "يا عباس ألا تعجب من شدة حب مغيث بريرة ومن شدة بغض بريرة" فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "لو راجعته" قالت: يا رسول الله أتأمرني به فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا شافع"، قالت: لا حاجة لي منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>