وبه أخذ الشافعي، وأحمد، وعارضه بعض الحنفية بما رواه ابن أبي شيبة (١) بسند على شرط الشيخين عن ابن عباس، وابن عمر قالا: إذا آلى رجل فلم يف حتى مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة كما.
قال محمد: بلغنا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت: رضي الله عنهم أنهم قالوا: إذا آلى أي: حلف الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر قبل أن يفيءَ أي: قبل أن يجامع امرأته فيها إذا كانت حرة، أو مضي شهران قبل أن يجامعها فيهما إذا كانت أمة فقد بانت أي: منه كما في نسخة بتطليقة بائنة، وهو أي: الزوج خاطب من الخطَّاب، بضم فتشديد جمع خاطب أي: واحد من الطالبين نكاحها فإنه ينكحها نكاحًا جديدًا، وهو تأكيد أن المطلقة ليست برجعية وكانوا أي: المذكورون أو غيرهم من السلف لا يَرَوْنَ أي: لا يختارون أن يُوقف أي: أن يمكث المولى بعد الأربعة، الأشهر وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في تفسير هذه الآية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} بالهمزة وقد تبدل بالواو {مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} أي: انتظام مدتها {فَإِنْ فَاءُوا} أي: رجعوا فيهن {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وفيه إيماء إلى أن الفيء أفضل {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} أي: استمروا على عدم الفيء حتى تنقضي الأربعة أشهر {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} أي: بمقالتهم {عَلِيمٌ} أي: بنياتهم، روى الواحدي في (أسباب نزول القرآن) بسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر، وكانت امرأته حرة فليس مؤلي.
وقال سعيد بن المسيب من التابعين: كان الإِيلاء ضرار أهل الجاهلية كان الرجل منهم لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها فيحلفان لا يقربها أبدًا وكان يتركها كذلك لا أيما ولا ذات بعل، فجعل الله الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل من المرأة أربعة أشهر وأنزل {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية, كذا قال الشيخ الإِمام العلامة عبد الله بن مسعود تاج الشريعة الشمني في (شرح النقاية) قال أي: ابن عباس رضي الله عنهما الفيء مصدر فاء الجماع في الأربعة الأشهر، وعزيمة الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر، أي: الدالة على عدم الرغبة منها وإذا مضت أي: تلك المدة بانت بتطليقة، ولا يُوقَف أي: لا ينتظر ولا يمكث