فناشدْته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحلّ ارتجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت أن تحلَّ ارتجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق، فقال: ما شئتِ، إنما بقيت واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثَرة، وإن شئت طلقتك، قالت: بل أستقرّ على الأثَرة، فأمسكها على ذلك، ولم ير رافعٌ أن عليه في ذلك إثمًا حين رضيتْ أن تستقر على الأثرة.
قال محمد: لا بأس بذلك إذا رضيت به الرأة، ولها أن ترجع عنه إذا بدا لها، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن مالك بن عمير بن أبي عامر الإمام صاحب المذهب من بني ذي أصبح ملك من ملوك اليمن، كان في الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين من أهل المدينة أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين المحدثين من أهل المدينة عن رافع بن خَدِيج: رضي الله عنه ابن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري أول مشاهده أحد ثم الخندق، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين، وقيل: قبلها وقد أصابه سهم يوم أحد فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا شهيد لك (ق ٦٢١) يوم القيامة" وانقضت جراحته زمن عبد الملك بن مروان فمات في المدينة سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ستة وثمانين سنة.
أنه تزوج ابنة محمد بن مَسْلَمة بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح اللام والميم الثانية المفتوحة فهاء الأنصاري الصحابي فكانت أي: ابنة محمد تحته، أي: في نكاح رافع بن خديج وفي (الموطأ) لمالك: حتى كبرت أي: أسنت فتزوج عليها امرأة شابّة أي: فتاة كما في (الموطأ) لمالك فآثر أي: اختار الشابة عليها، أي: في الاستمتاع بها إلا في القسم والمبيت عندها قال ابن عبد البر: يريد بالإِيثار ميل نفسه إليها والنشاط لها، لا أنه آثرها عليها في مطعم وملبس ومبيت؛ لأن هذا لا ينبغي أن يظن بمثل رافع بن خديج فناشدته الطلاق أي: طلبت منه الطلاق بالمبالغة واليمين المؤكدة أن يطلقها فطلقها واحدة, أي: برأي نفسها وتبريد الحرارة خلفها ثم أي: بعد الطلاق الواحدة أمهلها، أي: أنظرها وجعلها متأخرة؛ لأن الإِمهال والتأخير خير من التعجيل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التأدة -