ويقول: يدي أقصر من يده - صلى الله عليه وسلم - أي: حسا ومعنى، هذا من قبيل إطلاق اسم الكل على البعض، ففي رواية ابن عبد البر عن ابن وهب، عن عمرو والليث وابن لهيعة بسندهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشار بإصبعه، قال: وإصبعي أقصر من إصبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يشير بإصبعه ويقول:"لا يجوز من الضحايا أربع"، وهي: أي: الأربع: العرجاء البين أي: الظاهر ظلْعُها، بفتح الظاء المعجمة، وإسكان اللام، أي: عرجها، وهي التي لا تلحق الغنم في مشيها، وقال أبو حنيفة: تجزئ ويرد عليه الحديث، ولا شك أن العرجاء تجزئ وتمشي، والعرج من صفات المشي، وأما التي لا تمشي فلا يقال لها: عرجاء، فإن خف العرج فلم يمنعها أن تسير بسير الغنم أجزأت، كما هو مفهوم الحديث، والعوراء بالمد تأنيث، البيّن عورها، بفتحتين، كذا قاله علي القاري، وهو ذهاب بصر إحدى عينيها، فإن كان بها بياض قليل على الناظر لا يمنعها الإِبصار، (ق ٦٥٨) أو كان على غير الناظر أجزأت، قاله محمد عن مالك، وهو مفهوم الحديث، والمريضة البيّن مرضها، أي: بأي مرض كان يشرط وضوحه، فهو عام عطف عليه خاصًا، بقوله: والعجْفاءُ بالمد مؤنث أعجف الضعيفة، التي لا تُنْقى، بضم الفوقية وإسكان النون وقاف، أي: لا مخ في عظامها، وفي رواية قاسم بن أصبغ: والكسيرة التي لا تنقي، يريد بها التي لا تقوم ولا تنهض من الهزال.
وهذه العيوب الأربع مجمع عليها، وما في معناها داخل فيها، ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين، فإذا لم تجز العوراء والعرجاء والعمياء ومقطوعة الرجل أخرى وقد أم المرض والعرج الخفيفين، والنقطة اليسيرة في العين، والمهزولة التي ليست بغاية من الهزال تجزئ من الضحايا والهدايا، كما قاله الفاضل الزرقاني (١).
قال محمد: فبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه البراء بن عازب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونغمرها بما تبين, فأما العرجاءُ فإذا مشت أي: إلى المذبح والمرعى على رجلها فهي تجزئ، من الإِجزاء مهموزًا، أي: يكفي ويجوز بها، ولكن قُلبت الهمزة ياء لوقوعها فيها، وانكسار ما قبلها، وإذا كانت لا تمشي أي: بنفسها لم تجزئ؛ في نسخة: لا تجزئ، وأما العوراءُ فإن كان بقي من البصر أي: قوة لأكثر من نصف البصر أجزأت، أي: فإن