أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب، فقال لا بأس بها، وتلا هذه الآية:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا ثور باسم الحيوان المعروف، ابن زيد الدِّيلي، بكسر الدال المهملة بعدها تحتانية ساكنة، المدني، ثقة، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة بعد الهجرة، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه سُئل عن ذبائح نصارى العرب، أي: عن ذبائح أهل الكتاب ممن تنصر، وظاهره العموم الشامل من تنصر قبل البعثة وبعده، لكن الصحيح أنه خاص بمن دخل في دين النصارى قبل البعثة، (ق ٦٧٨) فإن من دخل في دينهم بعد البعثة فهو مرتد لا تحل ذبيحته كما ذكرنا آنفًا، فقال: لا بأس بها، أي: لا حرمة في أكل ذبائح نصارى العرب، وتلى هذه الآية في سورة المائدة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة: ٥١]، أي: في النصرة لاتحاد ملتهم واجتماعهم في الكفر، نزلت نهيًا عن موالاة أعداء الدين وذلك حين كان وقعة أُحد، فإن بعض الناس من المسلمين فيها خاف أن يظهر عليهم الكفار فأراد أن يعاشرهم ويواليهم وليأمن منهم، فقال تعالى: لا تتخذوهم أولياء في العون والنصرة كالمؤمنين، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} أي: من يتخذ اليهود والنصارى أولياء {مِنْكُمْ} فعم الخطاب ما خص المسلمين ولا بغير العرب، وقيل: الخطاب للعرب، {فَإِنَّهُ} أي: من يتخذهم أولياء {مِنْهُمْ} أي: على دينهم ومعهم في النار بنفاقهم، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي: لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بموالاة أعداء الله تعالى.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بقول ابن عباس رضي الله عنهما، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة، رحمهم الله من فقهائنا.
لما فرغ من بيان حكم ذبائح نصارى العرب، شرع في بيان حكم الطير المقتول بالحجر، فقال: هذا