للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة واثنين وأربعين ومائة، كذا قاله ابن حجر (١)، عن محمد بن علي بن الحسين، وقد سبق بيان طبقته آنفًا، أنه قال: مرسلًا، وزنتْ فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعر حسن وحسين وزينب وأم كُلثوم فتصدقتْ بوزن الشعر فضة أي: فيندب ذلك، وبالذهب أيضًا معمولة كانت أو غير معمولة.

قال محمد: أما العقيقة، فبلغنا أنها كانت في الجاهلية، أي: سنة أو واجبة على زعمهم أو معمولة عندهم، وقد فعلت في أوّل الإِسلام، أي: بطريق الوجوب ليوافق قوله: ثم نسخ الأضحى كلَّ ذَبْح كان قبله، أي: مشروعًا من العقيقة والعتيرة والرجبية، فكان الرجل إذا ولدت له الناقة أو الشاة ذبح أول ولد فأكل وأطعم، ويسمى العتيرة، وقيل في تفسير العتيرة: أن الرجل كان إذا نذر نذرًا بأنه إذا وقع كذا أو بلغ شأنه كذا فعليه أن يذبح من كل عشرة منها شاة، وكان (ق ٦٨٦) العرب يذبحون الشاة في رجب يدعى الرجبية، فإسناد النسخ إلى الأضحى كان مجازًا مرسلًا من قبيل: أنبت الربيع البقل؛ لأن النسخ في اللغة عبارة عن تبديل حكم إلى حكم آخر، وهو فعل الأضحى، وكذا الحكم في المعطوفات، ونسخ صومُ شهر رمضان كلَّ صومٍ كان قبله، أي: واجبًا كأيام البيض ويوم عاشوراء، ونسخ غسل الجنابة كل غسل كان قبل، أي: واجب أو لم أعرفه ما هو، ونَسَخَت الزكاة كل صدقة كانت قبلها، وهذا أيضًا غير معروف، كذلك بلغنا، أي: في أسانيدنا، وفيه أن الفريضة إذا نُسخت تبقى الفضيلة التي تترتب عليها المثوبة، كصلاة التهجد، وصوم عاشوراء، وهي تنافي الإِباحة التي لا ثواب فيها ولا عقاب، وفي (البدائع) ذكر محمد في (الجامع الصغير): ولا يعق عن الغلام ولا عن الجارية، وأنه إشارة إلى الكراهة؛ لأن العقيقة كانت فضيلة ومتى نسخ الفضل لا يبقى إلا الكراهة، بخلاف الصوم والصدقة، فإنهما كانتا من الفرائض، فإذا نسخت الفضيلة يجوز التنفل بهما، قلت: وفيه بحث؛ لأن الفضيلة إذا نسخت تبقى الإِباحة؛ لأن النسخ ما توجه إلا إلى الفضيلة فيبقى أصل الإِباحة، وهذا على تقدير أنه كان فضيلة، وإلا فالظاهر من ذكرها مع الصوم والصدقة أنها على منوالهما في كونها واجبة، كذا قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان أحكام العقيقة، شرع في بيان أحكام الديّات، فقال: هذا

* * *


(١) التقريب (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>