للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هذه وهذه سواء" يعني الخنصر والإِبهام، ولأبي داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: "الأصابع كلها سواء، كلهن فيه عشر عشر من الإبل"، كذا قاله الزرقاني، عَقْلها أي: دية الأصابع كلها، سواءُ، أي: مستوية مع اختلاف ما فيها من تفاوت المنفعة.

قال محمد: وبقول ابن عباس نأخذ، أي: نعمل ونقول: عقل الأسنان أي: ديتها سواء أي: لا فرق بين أفرادها، قال الأصمعي: وجه التسمية الدية عقلًا؛ لأن كل إبل تربط عند باب وإرث المقتول لأجله ديته، ثم شاع استعمال لفظ العقل في كل دية كانت دنانيرًا ودراهم، كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري)، وعقل الأصابع سواء؛ في كل أصبع عُشر الدية، بضم العين المهملة وسكون الشين المعجمة والراء، وهي عشرة من الإِبل، وفي كل سن نصف عُشر الدية، وهو خمس من الإِبل لزوم دية كل سن نصف عشر الدية، وهو أي: لزوم دية كل سن نصف عشر الدية الكاملة قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، لما أخرجه أبو داود (١) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: أنه قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسنان خمس من الإِبل في كل سن، ولما في كتاب عمرو بن حزم: وفي السن خمس من الإِبل، ولما أخرجه أبو داود (٢) وابن ماجه (٣) عن قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأسنان سواء الثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء"، ولو قلع جميع أسنانه يجب ستة عشر ألفًا، وفي البدن عضو الدية، أكثر من دية النفس سوى الأسنان، وفي الكوسج يجب أربعة عشر ألفًا؛ لأن أسنانه تكون ثمانية وعشرين، حُكي أن امرأة قالت لزوجها: يا كوسج، فقال: إن كنت كوسجًا فأنت طالق، (ق ٦٩٣) فسئل أبو حنيفة عن ذلك فقال: تعد أسنانه إن كانت ثمانية وعشرين فهو كوسج، وهذا يدل على أن الكوسج أنواع باختلاف تفاوت اللحية، وما ذكره الإِمام حقيقة العلامة لكن فيه إشكال؛ لأن مدار الإِيمان على العرف في الأمكنة والأزمان، كذا قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان أحكام دية الأسنان مطلقًا، شرع في بيان أحكام دية السن والعين المخصوصين، فقال: هذا

* * *


(١) أبو داود (٤٥٦٣).
(٢) أبو داود (٤٥٦٠).
(٣) ابن ماجه (٢٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>