للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز إلا بالتأويل كما ورد قليلًا، والمراد بالغرة: العبد والأمة، وإن كانا أسودين، وإن كان في الأصل في الغرة البياض في الوجه، لكن توسعوا في إطلاقها على الجسد كله، كما قالوا: أعتق رقبة، وقول أبي عمرو بن العلاء المقري: المراد الأبيض لا الأسود، إذ لولا أنه - صلى الله عليه وسلم -، وعليه أراد بالغرة معنى زائدًا على شخص العبد والأمة ما ذكرها، وتعقبه النووي بأنه خلاف ما اتفق عليه الفقهاء من أجزاء الغرة السوداء، قال أهل اللغة: الغر عند العرب: أنفس الشيء وأطلقت هنا على الإِنسان؛ لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم فهو أنفس المخلوقات، كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله أبو هريرة، إذا ضُرب بطن المرأة الحرّة قيد بها؛ لأن في جنين الأمة إن كانت حاملًا من زوجها نصف عشر قيمته في الذكر، وعشر قيمته في الأنثى وإن كانت حاملًا من مولاها أو من المعروف يجب الغرة المذكورة في جنين الحرة ذكرًا كان أو أنثى لأنه حر، وقال الشافعي: في جنين الأمة عُشر قيمة الأم، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر، وهو قول إبراهيم النخعي والزهري وقتادة وإسحاق، فألقت جنينًا ميتًا، قيده به؛ لأنها إن ألقت جنينها حيّا فمات تجب دية كاملة وإن ألقت ميتًا فماتت الأم يجب غرة ودية، وإن ماتت الأم فألقت ميتًا تجب دية الأم، وبه قال أحمد، ففيه أي: ففي جنين ميت فقط غُرةٌ عبدٌ أو أمةٌ أو خمسون دينارًا أو خمسمائة درهم؛ أي: بطريق القيمة نصف عشر الدية، لما روى ابن أبي شيبة في (مصنفه) أن عمر بن الخطاب قوم الغرة خمسين دينارًا، وكل دينار بعشرة دراهم، وأخرج البزار في (مسنده) عن عبد الله بن بريدة أن امرأة حذفت امرأة، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ولدها بخمسمائة ونهى عن الحذف، وأخرج أبو داود في (سننه) عن إبراهيم النخعي قال: الغرة خمسمائة يعني درهما، قال: وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: خمسون دينارًا، وروى إبراهيم الحربي في كتابه (غريب الحديث) عن أحمد بن حنبل، عن وكيع بن سفيان، عن طارق عن الشعبي: خمسمائة، ورُوي أيضًا عن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الغرة خمسون دينارًا، وهي عندنا وعند الشافعي على عاقلة الضارب لما سبق من أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل على عاقلة المرأة الضاربة، وقال مالك: في ماله لأنه بدل الجزء، وبه قال أحمد إذا كان ضرب الأم عمدًا أو مات الجنين وحده، وأما إذا كان خطأ أو شبه عمد، فقال: إنه


(١) في شرحه (٤/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>