للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الناس، وروى أيضًا عن الشعبي وعن إبراهيم النخعي أنهما قالوا: أول من فرض العطاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين، وروى عبد الرزاق (١) في (مصنفه) عن عمر أنه جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين، وفي لفظ: قضى بالدية في ثلاث سنين في كل سنة ثلاث على أهل الديوان، في عطياتهم، وأما قولهم: ولا نسخ بعده - صلى الله عليه وسلم -، فجوابه أن هذا ليس بنسخ بل تقدير معنى؛ لأن الفعل على أهل النصرة، وكانت النصرة بأنواع القربة وبالعهد وبالحلف وبولاء العتاقة وبالعد، وهو أن يصدق القوم ولا يكون معهم، وفي عهد عمر صارت بالديوان فجعله على أهله اتباعًا للمعنى، ولهذا قالوا: لو كان اليوم قوم يتناصرون بالحرف كانت عاقلتهم على أهل حرفتهم هذا، والعاقلة في القاتل لمن ليس من أهل الديوان يؤخذ بثلاثة دراهم أو أربعة من كل واحدة منهم في ثلاث سنين، لما روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال مالك وأحمد في رواية: لا تقدير في أخذها بل يحملون ما يطيقون؛ لأن التقدير لا يثبت إلا بالتوقيف ولا نص فيه فيفوض إلى رأي الحاكم كتقادير النفقات، كذا نقله علي القاري عن شمس الأئمة الحلواني ومظهر الدين المرغيناني.

٦٧٩ - أخبرنا مالك، أخبرني أبو الزناد، أن سليمان بن يسار أخبره أن سائبةً كان أعتقه بعض الحجّاج، وكان يلعب هو وابن رجل من بني عائذ، فقتل السائبةُ ابن العائذي، فجاء العائذي أبو المقتول إلى عمر بن الخطاب يطلب دية ابنه، فأبى عمر أن يديَهُ، وقال: ليس له مولى، قال العائذي له: أرأيت لو ابني قتله، قال: إذن تُخرجوا دِيَتَه، قال العائذي: هو إذن كالأرقم إن يُتْرك يَلْقَم، وإن يُقْتَل يُنْقَم.

قال محمد: وبهذا نأخذ، ألا ترى أن عمر أبطل ديته عن القاتل، ولا نراه أبطل ذلك إلا لأن له عاقلة، ولكن عمر لم يعرفها، فيجعل الدية على العاقلة، ولو أن عمر لم ير أن له مولى، ولا أنَّ له عاقلة لجعل دية من قُتِل في ماله أو


(١) في المصنف (٩/ ٤٢٠).
(٦٧٩) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>