للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهرية لا تُقطع في كل فاكهة رطبة ولو كانت محرزة، وقاسوا عليها الأطعمة الرطبة التي لا تدخر، كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بحديث رواه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين مرسلًا: من سَرَقَ تمرًا في رؤوس النخل، أو شاة في المرعى، بفتح الميم وسكون الراء المهملة والعين المهملة المفتوحة الممدودة، اسم مشترك بين معنى الكلاء بكسر الكاف نبت أخضر وبفتحها بمعنى المرعى، وبين موضع الكلاء كما فصلناه في (نور الأفئدة)، في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: ٤]، لكنه هنا مخصوص لمكان الكلاء، كما أشار المصنف - رحمه الله إلى هذا المعنى بكلمة في فلا قطع عليه، أي: لعدم وجود الأحراز، وإن كان في حائط، وروى النسائي (٢) وابن ماجه (٣) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن التمر المعلق فقال: "من أصاب تقية من ذي حاجة غير متخذة خبية فلا شيء عليه، ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع"، وفي (المغرب) الجرين: المربد، وهو الموضع الذي يلقى فيه الرطب ليجف، وجمعه جرون، كذا قاله الشمني في (شرح النقاية)، فإذا أُتِيَ بالثمر الجرين أو البيت وأتي بالغنم المُرَاح، وكان لها أي: الغنم من يحفظها فجاء سارق سَرق من ذلك شيئًا يساوي أي: قيمته ثمن المِجن ففيه القطع، أي: قطع يد السارق، والمِجنّ بكسر الميم المخفف وتشديد النون: الترس، كان يساوي يومئذٍ أي: في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم، ولا قطع أي: يد السارق في أقل من ذلك، أي: من عشرة دراهم، وهو أي: عدم قطع يد السارق إذا سرق أقل من عشرة دراهم قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا. هذا جواب على مالك وأحمد والشافعي لما قاله مالك وأحمد: نصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وقال الشافعي والأوزاعي والليث: نصاب السرقة ربع دينار، كما مر تفصيله في شرح ترجمة باب العبد يسرق من مولاه.

* * *


(١) في شرحه (٤/ ١٨٩).
(٢) في الكبرى (٤/ ٣٤٤)، والصغرى (٨/ ٨٥).
(٣) ابن ماجه في السنن (٢/ ٨٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>