للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمروان بن الحكم رافع: أخذتَ أي: هل أخذت وحبست في السجن غلام هذا؟ أي: الرجل، قال: نعم، أي: أخذته، قال: أي: رافع بن خديج: فما أنت صانع أي: أي شيء تفعل؟ له، وفي هذا من اللطف في الخطاب ما لا يخفى، حيث لم يقل له: إن هذا قد أخذت له غلامًا وأردت قطع يده، قال: أي: أجاب مروان: أريد قطع يده، أي: يد الغلام لأنه سرق، قال: أي: رافع له: فإني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا قطع في ثَمَر ولا كَثَر"، زاد في رواية الترمذي وغيره: إلا ما أواه الجرين، فأمر مروان بالعبد فأُرْسِلَ، أي: أطلق فخلي سبيله من السجن، وفي رواية يزيد بن هارون (ق ٧١٨) عن يحيى بن سعيد فأرسله مروان فباعه أو نفاه، أي: باعه سيده، وهذا الحديث أخرجه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان من طريق عن مالك وغيره، كلها عن يحيى بن سعيد، قال ابن العربي: فإن كان فيه كلام فلا يلتفت إليه، وقال الطحاوي: تلقت الأئمة منه بالقبول، وقال أبو عمر، أي: ابن عبد البر: هذا حديث منقطع؛ لأن محمد بن يحيى لم يسمعه من رافع، وتابع مالكًا عليه سفيان الثوري، والحمادان، وأبو عوانة، ويزيد بن هارون، وغيرهم، ورواه ابن عيينة عن يحيى عن محمد عن عمه واسع عن رافع، وكذا رواه حماد بن زيد المدايني عن شعبة عن يحيى بن سعيد به، فإن صح هذا وقيل عنه: أبي ميمونة عن رافع ولم يتابع عليه، وقد خولف حماد بن زيد أيضًا، فإنما رواه غيره عن شعبة عن يحيى عن محمد عن رافع كما رواه مالك كما قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه محمد بن يحيى بن حبان: لا قطع أي: لا يصح قطع يد في ثمرٍ مُعلَّق في شجر، أي: عليه، وَلا في كَثَر: والكثر: الجمّار، وقد مر تفسير الجمار آنفًا، ولا في ودِيّ، أي: لا يصح قطع يد السارق سرق نخلًا صغيرًا، ولا في شجر، أي: ولو كان في حائط، وهو قولُ أبي حنيفة - رحمه الله.

لما فرغ من بيان حكم حال الرجل سرق ثمرًا معلقًا على شجر وغنمًا في المرعى، شرع في بيان حكم حال الرجل يسرق منه شيء، فقال: هذا

* * *


(١) في شرحه (٤/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>