للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقصير، يعني فتوفني حال كوني غير مقصر بسبب التهاون بأمرك أو غير مجاوز لحكم من أحكامك، ثم قدم المدينة فخطب الناس أي: وعظهم، وللبخاري (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلنا بالرواح إلى أن قال: فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذن، قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد؛ فإني قائل لكم مقالة قد مر التي إذ أقولها لا أدري لو لها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها، أي: حفظها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها، قال: لا أحل لأحد أن يكذب عليَّ، فقال: يا أيها الناس: قد سُنَّت بضم السين المهملة وتشديد النون المفتوحة وسكون الفوقية، أي: شرعت لكم السُّنن، بضم السين وفتح النون المخففة فنون بعدها، أي: الشرائع، وفُرضت على بناء المفعول للعلم بالفاعل، لكم الفرائض، أي: قضى الله لكم أحكامه، وتُرِكتم بصيغة المفعول، أي: وترككم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الواضحة أي: على الطريقة الظاهرة المستقيمة المؤيدة بالكتاب والسنة القديمة، وصفَّق بفتح الصاد المهملة وفتح الفاء المشددة، وفتح القاف، أي: ضرب بإحدى يديه على الأخرى وكان العرب يضرب إحدى اليدين على الأخرى إذا أراد أحدهم أن ينبه غيره، ويستدعي إقباله عليه، وربما فعله إذا صاح على شيء وتعجب من شيء، إلا بكسر الهمزة وتشديد اللام، أي: لكن أن لا تضلوا بالناس وكلمة إن شرطية والباء للتعدية، ولا يبعد أن تكون إلا للتنبيه، وإن زائدة، يمينًا وشمالًا أي: بالانتقال عن الطريقة الواضحة إلى أطرافها واختلاف طرقها لهوى أنفسكم، كما قال تعالى في سورة الأنعام: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} الآية [الأنعام: ١٥٣]، ثم قال: إياكم أي: أحذركم أن تهلِكوا عن آية الرجم، بفتح الهمزة، (ق ٧٢٩) أي: سبب الغفلة عنها وعدم العمل بها، أن بفتح الهمزة، يقول قائل: لا نجد حدَّين في كتاب الله تعالى أحدهما: الرجم، والآخر: الجلد، إنما فيه حد واحد وهو الجلد، وفي حديث ابن عباس عن عمر: أن الله تعالى بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعينا، أي: حفظناها، فقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: أمر برجم من أحصن وهو ماعز والغامدية واليهودية، ورجمنا أي: أنا والصدِّيق بمحضر من الصحابة من غير نكير، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلنا، وإني وفي نسخة: والذي


(١) البخاري في الصحيح (٦/ ٢٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>