للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسكر لا يتداوى به، إلا أن ينتقل من طبعه إلى الحل، فقال له أي: لعمر عُبادة بن الصامت أي: أحد فضلاء الصحابة أحللتَها أي: جعلت الخمر حلالًا يا عمر والله، هذا يمين لغو، وهي حلفه كاذبًا يظنه صادقًا، كما إذا حلف أن في هذا الكوز ماء بناء على أنه رآه كذلك، ثم ارتق ولم يعرفه، وحكمها أن يرجى عفوه، وإنما سميت لغوًا لأنها لا يعتبرها؛ فإن اللغو اسم لما لا يفيد شيئًا، وعند الشافعي اليمين اللغو أن يجري على لسانه بلا قصد، سواء كان في الماضي والآتي، بأن قصد التسبيح، فجرى على لسانه اليمين، مثل هذا خلاصة ما في (الدرر)، قال: أي: عمر كلا ردع، أي: انزجر عن هذا القول، والله ما أحللتُها، أي: الخمر، اللهم إني لا أُحلُّ لهم أي: لا أبيح لهم، أي: لأهل الشام شيئًا حَرَّمْتَهُ عليهم، ولا أُحَرِّمُ عليهم شيئًا أَحْلَلْتَهُ لهم.

وكان عمر اجتهد في ذلك تلك المرة، ثم رجع عنه، فحد ابنه في شرب الطلاء.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من أن الشراب إذا لم يسكر يباح شربه، كما قال، أي: محمد بن الحسن، لا بأس أي: لا كراهة بشراب الطِّلاء الذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه وهو لا يُسكر، أي: مطلقًا قليلًا أو كثيرًا، فأمَّا كل معتَّق بضم الميم (ق ٧٥٦) وفتح العين المهملة وتشديد الفوقية، أي: العتيق والقديم، يُسكر أي: في ساعته أوسع التراجي، فلا خير فيه، أي: لا يتداوى به؛ لأنه نجس، فلا يتداوى به، وأما أبوال الإِبل شربها العرنيون بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم لأجل الدواء بجربهم فمختص لهم.

قال البخاري: ورأي عمر وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ شرب الطلاء على الثلث، وروي في النسائي شربه عن أبي موسى الأشعري، وقال أبو داود: سألتُ أحمد عن شرب الطلاء إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، فقال: لا بأس به، قلتُ: إنهم يقولون: إنه يسكر، قال: لو كان يسكر ما أحله عمر، ثم اعلم أنه حل نبيذ التمر والزبيب مطبوخًا أدنى طبخة بأن طبخ حتى نضج، وإن اشتد إذا شرب ما لم يسكر بلا نية لهو وطرب، بل بنية التقوي، وكذا حل نبيذ العسل والتين والبسر والشعير والذرة، وإن لم يطبخ بلا نية لهو وطرب بل التقوي.

لكن حل ذلك أبي حنيفة وأبي يوسف، فلا يحد شاربه، وإن أسكر منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>