منهم وأقاموا بالجبال، وذكر محمد بن أحمد الهمداني في كتابه مرفوعًا إلى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما أنه قال: جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي وصيف أي: غلام بربري فقال: "يا أنس ما جنس هذا الغلام؟ " قلت: بربري يا رسول الله قال: "إنهم أمة بعث الله إليهم نبيًا فذبحوه وطبخوه وأكلوا لحمه". كذا قاله ياقوت الحموي في (معجم البلدان) عن سعيد بن المسيَّب، أنه سُئِل عن عبدٍ له ولدٌ بفتحتين وبضم فسكون أي: أولاد من امرأةٍ حرة، أي: كانت أمة فأعتقت لمن ولاؤهم؟ قال: أي: سعيد بن المسيب إن مات أبوهم وهو عبد قوله: لم يُعتق صفة كاشفة لدفع توهم أن طلاقه عليه باعتبار ما كان فولاؤهم أي: ميراث الأولاد مات أبوهم رقًا لموالي أي: لسيد أمهم أي: وإن أعتق أبوهم قبل الموت لم يكن لهم الولاء وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى عن مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن أن الزبير بن العوام اشترى عبدًا فأعتقه ولذلك العبد بنون من امرأة حرة، فلما أعتقه الزبير قال: هم موالي أمهم، بل هو موالينا فاختصموا إلى عثمان بن عفان فقضى عثمان للزبير بولائهم.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله سعيد بن المسيب وإن أعتق أبوهم قبل أن يموت جرّ ولاؤهم أي: أوصل ميراث الأولاد إلى مواليهم فصار ولاؤهم أي: رجع ميراث الأولاد لموالي أي: المعتق على صيغة اسم الفاعل أبيهم، أي: الأولاد وهو أي: مصير ميراث الأولاد لموالي أبيهم إن أعتق أبيهم قبل أن يموت قولُ أبي حنيفة، والعامة وقد روى البيهقي عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبير من العصبة ولا يورثون النساء من الولاء إلا من أعتق، وروى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه قال: لا يرث النساء من الولاء إلا من أعتق أو أعتق من أعتق، وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال:"لا يرث النساء من الأولاد والأمة أعتقن أو كاتبن" وروى نحوه عن محمد بن سيرين وابن المسيب وعطاء والنخعي، وأما ما ذكره فقهائنا حديث لا ولاء للنساء إلا ما أعتقن أو أعتقن من أعتقن أو كاتب من كاتبن أو دبر من دبرن أو جروه معتقهن أو معتق معتقهن، وهذا موجود في كتب الحديث.
لما فرغ من ما يتعلق بولاء الموالي، شرع في بيان ما يتعلق بميراث صبي سبي من بلده إلى بلد الإِسلام، فقال: هذا