الجُمُعَةِ والغُسْل من الحِجَامة، أي: من أجلها حين فرغها، والغسلِ في العيديْن، أي: في حكمها وجوبًا واستحبابًا، قال: إن اغتسلْتَ فَحَسَنٌ، أي: في الكل، وإن كان حسن الغسل من الحجامة دون البقية، وَإنْ تركتَ، أي: الغسل في الجميع، ولو بلا ضرورة، فليس عليك، أي: لا عقاب؛ إذ ليس بواجب.
فقلت له: ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من رَاحَ إلى الجُمُعَةِ، أي: أراد الرواح إلى الجمعة، أي: صلاتها، فليغتسل، أي: وظاهر الأ مر الوجوب، ولا يصرف إلى غيره إلا بدليل، قال: أي: النخعي، بلى: أي: قال هذا الحديث (ق ٦٨) ولكن؛ ليس أي: مضمون قوله فليغتسل من الأمور الواجبة؛ أي: من الأمور الإِرشادية، وبقرينة ما سبق من الحديث، وإنما هو أمر بالغسل في الحديث للشفقة، إنما هو كقول الله جل وعز:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢]، ولذا قيل: إنها أرجى آية من القرآن؛ لأنها تدل على كمال الرحمة؛ لئلا يقعوا في المخاصمة والمنازعة، فمن أشْهَدَ فقد أحْسَنَ؛ لأن أمره محمول على الاستحباب عند الجمهور، ومن تَرَكَ أي: الإِشهاد فليس عليه، أي: شيء من التبعة، وكقوله في سورة الجمعة:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة: ١٠]، فإن أمره محمول على الإِباحة، بلا خلاف، فمن انتشر فلا بأس، أي: بفعله، ومن جلس فلا بأس، بل هو الأفضل، نظرًا إلى الاعتكاف في المسجد، وغيره من الفوائد.
قال: حمّادٌ: ولقد رأيت إبراهيم النَّخَعِيِّ يأتي العيديْن أي: يحضر صلاته وما يغتسل، أي: لأجلها، أحيانًا بعذر أو بغير عذر، والله أعلم.
* * *
٦٥ - أخبرنا محمد بن أبَانَ: عن ابن جُريج، عن عطاء بن أبي رَبَاح، قال: كنا جلوسًا عند ابن عباس، فحضرتِ الصلاةُ - أي: الجمعة - فدعَا بَوضوءٍ فتَوضأ، فقال له بعض أصحابه: ألا تغتسل؟ قال: اليومُ يومٌ باردٌ، فتوضأ.