الولاء وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهى عن ذلك، وهذا الحديث من أفراد دينار، واحتاج الناس فيه إليه، كما قال أبو عمر وغيره حتى قال مسلم: الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث، وأخرج أبو يعلى وابن حبان عن ابن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث" واللحمة بالضم الاختلاط كالاختلاط في النسب؛ فإنها تجري مجرى النسب في الميراث قال (الأبي): هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تعريف لحقيقة الولاء شرعًا، ولا تجد تعريفًا أتم منه، والمعنى أن بين العتق والعتيق نسبة تشبه نسبة النسب وليست به، ووجه (ق ٨٣٠) الشبه أن العبد لما فيه من الرق كالمعدوم في نفسه والمعتق صيَّره موجودا كما في الولد كان معدومًا فتسبب الآن في وجوده انتهى.
وأصله قول ابن العربي: معنى الولاء لحمة كلحمة النسب أن الله أخرجه بالحرية إلى النسب حكمًا، كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسًا؛ لأن العبد كان كالمعدوم في حق الأحكام لا يقضي ولا يلي ولا يشهد، فأخرجه سيده بالحرية إلى وجود هذه الأحكام من عدمها فلما شابه حكم النسب أنيط بالعتق؛ فلذا جاء إنما الولاء لمن أعتق، وألحق برتبة النسب فنهى عن بيعه وعن هبته.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: من أتباع أبي حنيفة.
* * *
٧٩٨ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر: أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أرادت أن تشتري وليدة فتعتقها، فقال أهلها: نبيعك على أن ولاءها لنا، فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"لا يمنعك ذلك فإنما الولاءُ لمن أعتق".
قال محمد: وبهذا نأخذ، الولاءُ لمن أعتق، لا يُتحوّل عنه، وهو كالنسب، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(٧٩٨) صحيح, أخرجه البخاري (٨/ ١٩٣، ١٩٦)، ومسلم (١١٤١)، وابن سعد في الطبقات (٨/ ٦٣)، والنسائي (٧/ ٣٠٠)، وعبد الرزاق (١٣٠٠٨)، وأبو داود (٢٩١٥).