للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة بعد المائة كذا قاله ابن حجر (١) عن أبي هريرة: رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع بالرفع خبر بمعنى النهي، وفي رواية الجزم على أن لا ناهية، وعن أحمد: "لا يمنعن" بزيادة نون التأكيد، وهي تؤكد رواية الجزم أحدكم جاره أي: الملاصق.

قال السيوطي: هذا أمر ندب عند الجمهور، وفيه أن الظاهر النهي تنزيه عندهم انتهى. كما يؤيد الخبر الذي أتاه - صلى الله عليه وسلم - في موقع الاستثناء حيث قال: لا يمنع، ولم يقل: لا يمنعن لحمله أمته باللطف وجه على إتيانهم بمطلوبه، وهو عدم امتناعهم من أن يأذنوا جارهم بأن يضعوا خشبتهم على جدارهم، ولو أتى: بصيغة الإِنشاء ونهاهم عن امتناعهم عن الإِذن بذلك ولم ينتهوا عنه لكانوا عاصين الله ورسوله، ولذلك أتى بصيغة النفي في موقع النهي، فلا ينبغي أن يمنع أحد جاره أن يغرس أي: يضع خشبة في جداره"، أي: فوق جداره خشبة جاره أو يدق مسمارًا في داخل جدار داره، وهي بالتنوين مفرد وفي رواية بالهاء بصيغة الجمع.

وقال المزني عن الشافعي عن مالك: خشبه بلا تنوين بهاء الوقف، وقال عن يونس بن عبد الأعلى عن وهب عن مالك: خشبة بالتنوين.

قال أبو عمر بن عبد البر: والمعنى واحد؛ لأن المراد بالواحدة الجنس.

قال الحافظ: وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فقد يختلف المعنى؛ لأن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير لما فيه من الضرر، ثم يدعي ورثة صاحب الخشب أن الجدار لنا، ورجح ابن العربي رواية الإِفراد؛ لأن الواحدة مرفق، وهي التي يحتاج للسؤال عنها قال: أي: الأعرج ثم أي: بعد روايته هذا الحديث محافظة على العمل به وحضًا عليه لما رآهم توقعوا عنه يقول أبو هريرة: ما لي بسكون التحتية أو بفتحها (ق ٨٣٧) أراكم عنها أي: عن هذه السنة أو المقالة مُعرضين، كلمة "ما" هذا للتعجب وأن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه تعجب من حال نفسه في رؤيتهم بأنهم أعرضوا عن هذه السنة واشتغلوا عما سمعوا عنه، ولم يقبلوا عليها بل طأطؤوا ونكسوا رؤوسهم وأنكر عليهم إعراضهم ولا يخفى أنه لا معنى للاستفهام العاقل عن حال نفسه، كما أخبر تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - عن تعجب سليمان صلوات الله على نبينا وعليه، حين لم ير


(١) في التقريب (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>