للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أرى أي: لا أظن بها أي: وفي نسخة: ما نرى لكن الأولى أولى، كما في (الموطأ) لمالك وهذا الرأي صدر عنه إما من تكبر وعناد أو من اجتهاد، وقد أخطأ فيه لكن كان يجب عليه حينئذ أن يرجع بعد سماع الحديث لا سيما من أبي الدرداء، وهو موثوق بلا خلاف قال له أبو الدرداء: من يعذِرني بكسر الذال المعجمة من معاوية، أي: من يلزمه على فعله ولا يلومني عليه أو من يقوم بعذري إذا جاريته بصنعه ولا يلومني على ما أفعل به، أو من ينصرني يقال: غدرته إذا نصرته أخبره أي: أنا أخبره، كما في (الموطأ) لمالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويُخبرني أي: معاوية عن رأيه، أي: المجرد مع أن التعليل لا يصح في معارضة النص.

قال ابن عبد البر أبو عمر: كان ذلك منه أنفة من أن يرد سنة علمها من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيه وصدور العلماء تضيق عند مشاهدة مثل ذلك وهو عندهم عظيم، قال: جائز للمرء أن (ق ٨٥١) يهجر من لم يستمع منه ولم يطعه، وليس هذا من الهجرة المكروهة، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن لا يكلموا كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك، وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع وهجرته وقطع الكلام عنه، وقد رأى ابن مسعود رجلًا يضحك في جنازة فقال: والله لا أكلمك أبدًا قاله أبو عمر: - يعني ابن عبد البر - فتكون هذه من باب التكبر على المتكبر صدقة من قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣] لا أساكنك أي: لا أمكث معك بأرضٍ أنت بها، أي: الراوي قال: فقدم والفاء بمعنى ثم، كما قال مالك: في (الموطأ) ثم قدم أبو الدَّرداءِ أي: من الشام على عمر بن الخطاب، أي: في المدينة فأخبره، بذلك أي: بما جرى في هذا الباب فكتب أي: عمر بن الخطاب إلى معاوية أن لا يبيع ذلك أي: ما ذكر من المتماثلين ذهبًا أو فضة إلا مثلًا بمثل، وَرْنًا بوزن.

قال أبو عمر: لا أعلم أن هذه عرضت لمعاوية مع أبي الدرداء إلا من هذا الوجه، وإنما هي محفوظة لمعاوية مع عبادة بن الصامت والطرق متواترة بذلك عنهما انتهى. والإِسناد صحيح وإن لم يرو من وجه آخر من الأفراد الصحيحة، والجمع ممكن؛ لأنه عرض له ذلك مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء كذا قاله الزرقاني.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>