قال محمد: وبقول زيد بن ثابت نأخذ، وحيثما حلف الرجل فهو جائز، ولو رأى زيد بن ثابت أن ذلك يلزمه ما أبَى أن يعطي الحقّ الذي عليه، ولكنه كره أن يعطي ما ليس عليه، فهو أحق أن يؤخذ بقوله وفعله ممن استحلفه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك، وفي أخرى: ثنا أخبرنا داودُ بن الحُصين، الأموي مولاهم يكنى أبا سليمان المدني، ثقة إلا في عكرمة ورمى رأي الخوارج لكن لم يكن داعية، ووثقه ابن معين والنسائي والعجلي وكفى برواية مالك عنه توثيقًا، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة أنه سمع أبا غَطَفان بفتحتان اسمه سعد بن طريف بفتح الطاء المهملة وكسر الراء وسكون التحتية ثم فاء المري بضم الميم وتشديد الراء المدني، ثقة كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة يقول: اختصم زيد بن ثابت رضي الله عنه الأنصاري وعبد الله بنُ مُطيع بن الأسود العدوي المدني له رؤية وكان رأس قريش يوم الحرة وأمَّره عروة بن الزبير على الكوفة، ثم قتل معه سنة ثلاث وسبعين في دارٍ أي: كانت بينهما، والمعني تخاصمًا فيها وترافعا في الحكم إلى مَروان بن الحكم، وهو أمير المدينة من جهة معاوية فقضى أي: حكم مروان على زيد بن ثابت باليمين على المِنْبَر، أي: عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له أي: لمروان زيد: أحْلِف له أي: لعبد الله بن مطيع مكاني، أي: هذا فقال له مروان: لا والله أي: لا يحلف والله إلا عند مقاطع الحقوق، قال: أي: أبو غطفان فجعل أي: شرع زيدٌ يحلف أن حقَّه لَحَق أي: باق لم يقبضه وَأَبَى أي: زيد بن ثابت، وفي نسخة: يأبى أن يحلف عند المِنْبَر، أي: حوالي المنبر بناء على التغليظ في اليمين عرفًا فجعل مروان بن الحكم يعجب من ذلك أي: يتعجب ويستنكر ما هنالك يعني امتناع زيد مع علمه أنها تغلظ بالمكان.
قال مالك: كره زيد صبر اليمين، وقال الشافعي: بلغني أن عمر حلف على المنبر في خصومة كانت بينه وبين رجل وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فافتدى منها وقال: أخاف أن توافق قدر بلاء فيقال بيمينه.
قال الشافعي: واليمين على المنبر مما لا خلاف فيه عندنا في قديم ولا حديث فعاب قولنا هذا غائب، ترك فيه موضع حجتنا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والآثار بعده عن الصحابة