قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل ولا نفتي إلا بما قاله هنا سعيد بن المسيب إنما يكره أي: تحريمًا من هذا: أن يضع كل واحد منهما سَبَقًا: أي: مالا للغالب فإن سبق أحدُهما أي: أحد السابقين على صاحبه أخت السَّبقَيْن بفتحتين أي: المالين المرهونين جميعًا، فيكون هذا أي: وضع كل واحد من المسابقين ما لا ليأخذه الغالب في العدو كالمبايعة، أي: كالقمار في الحرمة فأما إذا كان السَّبق أي: المال من أحدهما أو كانوا أي: الشارعون بالسابقة ثلاثة والسَّبق أي: المال الموضع من اثنين منهم، والثالث أي: والحال أن الرجل الثالث من المسابقين ليس منه سَبَق أي: حال، وفي نسخة: فيه أي: لم يوضع لأجل الثالث مال إن سَبَق أي: إن غالب الثالث في العدو والسعي عليهما أخَذَ أي: بما وضعها وإن لم يسبق بصيغة الفاعل أي: وإن لم يتجاوز الثالث عليها لم يغرم: أي: لا يلزم بأخذ الثالث مالا من صاحبه، وفي نسخة: وإن سبق بصيغة المجهول فهذا أي: جواز المسابقة إذا توسط الثالث بين الاثنين لا بأس به أي: لا حرمة فيه أيضًا، أي: بجواز المسابقة فيما سبق بلا كراهة وهو أي: الثالث المحلِّل الذي قال أي: ذكره سعيد بن المسيب.
واعلم أنه يجوز المسابقة على الأقدام والخيل والبغال والحمير والإِبل والرمل؛ لأنها من أسباب الجهاد ويحتاج إليها في إقامة هذه الفريضة على العباد، فإن شرط فيه جعل مال من أحد الجانبين وسبقهما بأن يقول أحدهما لصاحبه: إن سبقتني فلك كذا، وإن سبقتك فلا شيء لي، أو من ثالث إن سبقتنا فالمال لك، وإن سبقناك فلا شيء لنا جاز في هذين الوجهين لاشتماله على التحريض على آلة الحرب، وأما إذا شط الجعل من الجانبين فحرم لكونه قمارًا، (ق ٨٩٠) إلا أن يكون بينهما محلل بفرس ليصير الغير بينهما بحيث يتوهم أنه سبق، وإنما قيد به لأن في سر المحلل لو لم يكن مثلهما لم يجز؛ لأنه لا فائدة في إدخاله بينهما ولم يخرج من أن يكون قمارًا، ثم إن سبقهما أخذ منهما الجعل أو سبقاه لم يعطهما شيئًا وفيما بينهما أيهما سبق أخذ من صاحبه، وعلى هذا التفصيل إذا تنازعا في مسألة ورجعا إلى شيخ لأن في ذلك حثًا على العلم كما كان في المسابقة حثًا على الجهاد، والله رؤوف بالعباد. كذا قاله علي القاري.