للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: الواصلة: هي المرأة التي تصل الشعر بشعر النساء والمتوصلة: المعمول بها ذلك وقوله: الواشمة: هي التي تغرز اليد أو الوجه بالارثم تحشوا ذلك المكان كحلًا أو مدادًا، والمتوشمة: المعمول بها ذلك. كذا قاله الإِمام المنذري في (ترهيبه).

قال الفاضل محمد الزرقاني: قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الواصلة والمتوصلة" يحتمل أنه يكون خبرًا فيكون حكاية من الله تعالى، ويحتمل أنه دعا منه - صلى الله عليه وسلم - لا ينبغي لشأنه الشريف أن يدعو بالشيء من فعل ذلك من أمته، ولأنه تعالى أمره بأنه قال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]؛ ولأنه كان رحمة للعالمين وأنه تعالى أثنى عليه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] وسبب ورود هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط أي: سقط شعر رأسها، فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لعن الله الواصلة والمتوصلة" وفي رواية: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له وقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: "لا إنه قد لعن الموصولات". (١) كذا رواه البخاري ومسلم ولا بأس بالوصل في الرأس أي: في شعر الرأس إذا كان صوفًا, أي: شعر الضأن، وكذا إذا كان وبرًا وهو شعر الإِبل، فإن الشعر إذا أطلق فالمراد به شعر المعز، كما قال تعالى في سورة النحل: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} [النحل: ٨٠] لكن المصنف رحمه الله أراد بالصوف شعر الحيوان مطلقًا ليتناول شعر الفرس ونحوه أيضًا لقوله: فأما الشعر من شعور الناس فلا ينبغي، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا وفي قاضي خان: لا بأس للمرأة أن يجعل في قرونها وذؤابتها شيئًا من (ق ٩٣٤) الوبر، ويكره أن تصل شعرها بشعر غيرها انتهى.

ولا يخفى أن إطلاق الحديث تفيد العموم ولو من شعرها لا سيما والعلة هو التزوير، فلا يظهر فرق بين شعر وشعر في التصوير كذا قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم حال المرأة تصل شعرها بشعر غيرها، شرع في بيان ما يتعلق بالشفاعة، فقال: هذا

* * *


(١) أخرجه: البخاري (٢١٢٢) (٥٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>