للشيطان فيها لكنه يحضرها ويرتضيها ويسر بها، فكذا نسبت إليه، ولأنها مخلوقة على طبعه من التحذير والكراهة التي خلق عليها، أو لأنها توافقه ويستحسنها لما فيها من شغل بال المسلم وتضرره (ق ٩٤٤) بها قال بعضهم: والتحذير وإن كان غالبًا من الشيطان، فقد يكون في الصالحة إنذارًا من الله واعتناء منه بعيدة؛ لئلا يفجأه ما قدر عليه فيكون منه على حذر واهية، كما أن رؤيا الصالحين الغالب عليها الصحة، وقد تكون فيها أضغاث نادر العوارض من وسوسة نفس وحديثها أو غلبه خاطر.
قال ابن الجوزي: الرؤيا والحلم واحد غير أن صاحب الشرع خص الخير باسم الرؤيا والشر باسم الحلم فإذا رأى أحدكم الشيء وفي رواية: شيئًا يكرهُه فليُنْفِثْ بضم الفاء وكسرها أي: فلينفخ طرد الشيطان الذي حضر الرؤية المكروهة تحقيرًا له واستقذارًا عن يساره؛ لأنها محل الأقذار ونحوها ثلاث مرات للتأكيد.
وفي رواية الشيخين:"فليبصق عن يساره"، وفي رواية أخرى:"فليتفل".
قال القاضي عياض: اختلف في التفل والنفث، فقيل: معناهما واحد، لا يكونان إلا بريق وقيل: يشترط في التفل ريق يسير، ولا يكون في النفث، وقيل: عكسه، فالمطلوب طرد الشيطان وإظهار احتقاره واستقذاره إذا استيقظ، أي: من نومه، وفي رواية: حين يستيقظ وليتعوّذ أي: فليعتصم بالله من شرها، أي: من شر تلك الرؤيا، وفي رواية: من شر الشيطان فإنها أي: الرؤيا المكروهة لن تضره إن شاء الله" أي: بعد التعوذ به سبحانه وتعالى.
وفي رواية: بدون لفظ إن شاء الله فيكون ذلك للتبرك، والحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي قتادة، وفي رواية مسلم عنه بلفظ: "الرؤيا الصالحة من الله والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا يكره منها شيئًا فلينفث عن يساره، وليتعوذ بالله من الشيطان، فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحد، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يحدث بها إلا من يحب" (١) وندب تعبيرها قبل طلوع الشمس فيرد قول بعض أهل التعبير، المستحب أنه من طلوعها إلى غروبها.
قال بعض العلماء المعبرين: لا تقصص رؤياك على امرأة ولا تخبرها حتى تطلع