للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه إشارة إلى قوله تعالى في آل عمران: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: ١٩٦، ١٩٧].

* * *

٩٢٩ - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: كان عمر بن الخطاب يأكل خبزًا مفتوتًا بسمن، فدعا رجلًا من أهل البادية، فجعل يأكل ويتَّبعُ باللقمة وَضَرَ الصحفة، فقال له عمر: كأنك مُقْفِرٌ، قال: والله ما رأيتُ سمنًا ولا رأيتُ آكِلًا به منذ كذا وكذا، فقال عمر: لا آكلُ السمنَ حتى يُحْيي الناسُ، من أول ما أُحْيَوا.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأكل خبزًا مفتوتًا أي: مكسورًا بسمن، فدعا رجلًا من أهل البادية، أي: ليأكل معه فجعل أي: شرع الرجل يأكل أي: أكلًا سريعًا ويتَّبعُ أي: من باب التفعل باللقمة وَضَرَ الصحفة، بفتح الواو والضاد المعجمة، والصحفة بفتح الصاد المهملة ثم الفاء أي: يمسح بالخبز المكسور دسم القصعة وأثر الطعام فيها فقال له عمر: رضي الله عنه كأنك مقْفِرٌ، بضم الميم وسكون الفاء وكسر القاف أي: من إدام له ومنه حديث: "ما افتقر بيت فيه خل" قال: والله ما رأيتُ سمنًا وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى بن يحيى الليثي: والله ما أكلت سمنًا بدل ما رأيت سمنًا ولا رأيتُ آكِلًا به أي: بالسمن منذ كذا وكذا، أي: من الأيام فإنه كان في سنة القحط والقلا والبلا فقال عمر: رضي الله عنه لا آكلُ السمنَ أي: بعد هذا حتى يُحْيي بصيغة المجهول الناسُ، أي: إلى غاية أن يعيشوا عيشة طيبة من أول ما أُحْيَوْا أي: كما كانوا الأغنياء: أولًا في (الموطأ) لمالك: حتى يحيى الناس من أول ما يحيون والمعنى: حتى يمطرون ويخصبوا فإن المطر سبب الخصب فيكون من الحيا مقصورًا وهو المطر، وهذا الحديث يدل على كمال زهد عمر


(٩٢٩) صحيح: أخرجه: البخاري (٨/ ٤٨) ومسلم في البر والصلة (١٦٣) وأبو داود في الأدب (١٢٣) وأحمد في المسند (٣/ ١٦٥، ١٦٧، ٢٢٦، ٢٢٧) وعبد الرزاق (٢٠٣١٧) وابن خزيمة (١٧٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>