• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ عبد الله بن عامر أي: ابن ربيعة الغزي حليف بني عدي، يكنى أبا محمد المدني، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبيه صحبة مشهورة ووثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين يقول: بينما أي: في وقت من الأوقات أنا أغتسل ويتيم كان أي: ذلك اليتيم الغاسل معي في حجر أبي، أي: في تربيته يصبّ أحدُنا على صاحبه أي: ماء الغسل إذ طلع علينا عامر، ونحن كذلك، أي: على مثل ذلك الحال فقال: أي: على وجه الإِنكار ينظر أي: أينظر بعضكم إلى عورة بعض؟ أي: ألم يسمع بما قال النبي (ق ٩٦٠) - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الناظر والمنظور إليه"(١) كما قاله المناوي في (كنوز الحقائق) و (مسند الفردوس) للديلمي وألم ينظر بما أمر الله لنبيه في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور: ٣٠] قوله: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} أي: ليطبقوا جوفنهم عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، قوله:{وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} أي: ليستروا فروجهم عن نظر الأجانب، وقوله:{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أي: غض البصر عن النظر بالمحرمات أظهر لقلوبهم، قوله:{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} أي: لا يخفى عليه إجالة أبصارهم واستعمال سائر حواسهم وتحريك جوارحهم وما يقصدون بها فليكونوا على حذر منه تعالى في كل حركة وسكون هذا خلاصة ما قاله البيضاوي والشيخ زادة والله إني كنتُ لأحسبكم أي: لأظنكم خيرًا منا، في الدين والتقوى وسببه أني قلت: أي: في خاطري قوم أي: هم قومٌ وُلِدوا في الإِسلام أي: وعلموا الأحكام ولم يولدوا في شيء أي: في حين من الجاهلية، أي: ليكونوا معذورين في الجهل ببعض الآداب الدينية والله إني لأظنكم أي: الآن الْخَلْف بسكون اللام لا بفتحها وهو خلف السوء قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم: ٥٩].
قال محمد: لا ينبغي أي: لا يجوز للرجل أي: وكذا الصبي المراهق والمرأة أن ينظر إلى عورة أخيه المسلم هذا قيد اتفاقي إلا من ضرورة أي: داعية وباعثة لمداواة أي: للجراحة أو نحوها أي: نحو التداوي من الختان والفصادة والحجامة.
(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (٧/ ٩٩) وفي الشعب (٦/ ١٦٢) وابن عدي في الكامل (١/ ٣٣١).