للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعرفها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبايعكن على أن لا يشركن بالله ولا يسرقن" فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح وإني أصبت في ماله هنات فلا أدري يحل لي أم لا؟

فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء في ماضي وفيما غير فهو لك حلال، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرفها فقال: "والله إنك لهند بنت عتبة" قالت: نعم، فاعف عما سلف عفى الله عنك فقال: "ولا تزنين" فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فقال: "ولا يقتلن أولادهن" فقالت هند: ربيناهم صغارًا وقتلتوهم كبارًا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ولا تأتين ببهتان يفترينه بين أيديكن وأرجلكن وهو تقذف ولدًا على زوجها ليس منه" قالت هند: والله إن البهتان لقبيح وما تأمرنا إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق فقال: "ولا تعصين في معروف" قالت هند: فأجلسنا مجلسًا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء فقلن: يا رسول الله، نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، أي: أردن وأد البنات الذي يفعله أهل الجاهلية ولا نأتي ببهتان أي: بولد ملقوط نفتريه أي: يقلن لزوجهن: هذا ولدي منك بين أيدينا وأرجلنا، أي: لأن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها ولا نعصيك في معروف، أي: في كل أمر موافق طاعة الله تعالى.

وفيه عدم خلو المرأة بالرجل وترك النوح والدعاء بالويل وتمزيق الثوب وحلق الشعر ونتفه وخمش الوجه وعدم المسافرة إلا مع المحرم قالت: أي: أميمة كما في نسخة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما استَطَعْتُنّ أي: في عمل قدرن أن تفعلينه وأطقْتُن"، هذا تلقين لهن لئلا يقعن فيما لا يطقن قالت: قلنا: الله ورسوله أرحم بنا منَّا بأنفسنا أي: حيث قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] أي: أعطنا يدك هلمّ نبايعك أي: نصافحك يا رسول الله، أي: كما صافحك الرجال قال: "إني لا أصافح النساء، أي: باليد بل بالكلام كما بينه بقوله: إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" شك من الراوي.

وفي رواية البغوي: "إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة"، وفي حديث البخاري (١) عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء بالكلام


(١) البخاري (٦/ ٢٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>