ابن شَمَّاس بفتح الشين المعجمة وتشديد الميم الأنصاري، قال: يا رسول الله: لقد خَشِيتُ أن أكون قد هلكت، أي: بالمخالفة قال: - صلى الله عليه وسلم - "بم؟ "، أصله لما حذف الألف؛ لأن حرف الجر إذا دخلت عليه ما الاستفهامية يحذف ألفها تخفيفًا للفظ الكثير التداول وفرقًا بين ما الاستفهامية والإِسمية هو إخبار عن شدة اتصال ما بحرف الجر حتى صارت كلا جزء منها أي: لأي شيء تحذف قال: نهانا الله أي: كره لنا ومنعنا أن نُحِبَ أن نُحْمَدَ بما لم نفعل، حيث قال تعالى في سورة آل عمران:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية [آل عمران: ١٨٨] وأنا امرؤٌ أحبُّ الحمدَ، أي: الحمد والثناء ونهانا عن الخُيلاءِ، وأنا امرؤٌ أحبُّ الجمال، أي: الزينة في اللبس وغيره من الأحوال ونهانا أن نرفع أصواتنا على صوتك، حيث قال تعالى في سورة الحجرات:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية [الحجرات: ٢] وأنا رجل جَهيرُ الصوت، أي: عاليه خلقة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا ثابت، أما ترضى أي: هل ترضى أن تعيش حميدًا، أي: محمودًا أو تُقتل على صيغة المجهول شهيدًا، وتدخل الجنة" أي: سعيدًا وعن النار بعيدًا، وروى أنه قال: رضيت بشرى الله ورسوله ألا أرفع صوتي أبدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد استشهد يوم اليمامة مع مسيلمة الكذاب، وكان خطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخطيب الأنصار، وفي صحيح مسلم (١) عن أنس لما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار واحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ فقال: "يا أبا عمر وما شأن ثابت اشتكى" فقال سعد: إنه نجاري وما علمت له شكرى قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ثابت: أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنا من أهل النار فذكر ذلك سعد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل هو من أهل الجنة" هذا ولعل قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب ما صدر له في صدر الكلام ببشارته إلى الجنة العلية متضمنة بأنه ليس ممن يظن نفسه أنه في الخصائل المدنية والشمائل الرذية.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بفضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شرع في بيان ما يتعلق بصفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هذا