قول العاطس: الحمد لله إذا عطس، أجيب: لأن الروح تريد أن تخرج هاربة من الجسد وتقول: استجبت هنا فيجيء في كل عضو رجاء أن تخرج فتنصح ريح من دماغ فتقول لها: لم يجئ وقت خروجك فتستقر فيه فلهذا يقول العاطس: الحمد لله رب العالمين، كذا قاله عبد الرحمن السيوطي في (خواتم الحكم) أول ما قاله آدم صلوات الله على نبينا وعليه بعد نفخ الروح الحمد لله رب العالمين، وهي أول كلمة جرت على لسانه فقيل له: ولهذا خلقت يا آدم، ورد في الحديث الصحيح أول حركة صدرت من آدم بعد النفخ العطاس لا سوى الروح في أعضائه بعد دخولها في الخيشوم وصلت إلى الدماغ فعطس وحمد الله تعالى، فصار التحميد أول سنة بشرية ظهرت على لسان آدم، فكانت أفضل من الفرض المقابل من الرد للحامد العاطس من تشميت الملائكة، فلهذا ورد أفضل القرآن الحمد لله رب العالمين فبدئ به أولًا ويختم به آخرًا كما قال تعالى في حق أهل الجنة:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس: ١٠] كذا قاله السيوطي في (أولياته) ثم أي: بعد الثلاث إن عطس فقل له: إنك مضنوك"، بفتح الميم وسكون الضاد المعجمة ثم نون وواو فكاف أي: مزكوم، والضناك بالضم الزكام يقال: أضنكه الله وأزكمه الله.
قال ابن الأثير: والقياس مضنك ومزكم، لكنه جاء على ضنك وزكم قال عبد الله بن أبي بكر: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة ولأبي داود، وأبي يعلى وابن السني عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن عطس أحدكم فليشمته جليسه" وفيه تنبيه على الدعاء بالعافية؛ لأن المزكمة علة، وإشارة إلى الحث على تدارك هذه العلة ولا يهملها فيعظم أمرها، وكلامه - صلى الله عليه وسلم - كله حكمة ورحمة كذا قاله الزرقاني (١).
قال محمد: إذا عطس أي: أحد من المؤمنين فشمّته، أي: فقل أيها الجليس: يرحمك (ق ٩٧٤) الله وجوبًا عند أبي حنيفة وسنة عند الشافعي ثم إن عطس فشمّته، أي: ندبًا فإن لم تشمته أي: أولًا حتى يعطس بكسر الطاء المهملة وإلا العطاس بضم العين من باب ضرب مرتين أو ثلاثة أجزأك أن تشمته مرة واحدة أي: أجزئ كسجدة التلاوة والله أعلم.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم تشميت العاطس، شرع في بيان ما يتعلق بحكم الفرار من الطاعون، فقال: هذا