ووجهه القاضي عياض أن الرجس يطلق على العقوبة أيضًا، وقد قال الفارابي والجوهري: الرجس العذاب ومنه قوله: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}[يونس: ١٠٠] وحكاه الراغب أيضًا أُرسِلَ على من قبلكم، أي: من اليهود والنصارى أو غيرهم أو أعم والله أعلم أو أُرْسِلَ أي: سلط على بني إسرائيل - أي: وهم اليهود والنصارى أو أحدهما شك ابن المنكدر في روايتهما - قال: أي: عامر بن سعد.
قال النووي: وكونه عذابًا مختص بمن كان قبل وإشارة بذلك إلى ما جاء في قصة بلعم بن باعوراء فأخرج الطبري (١) من طريق سليمان التيمي أحد صغار التابعين عن سيار: "أن رجلًا يقال له: بلعم مجاب الدعوة، وأن موسى صلوات الله على نبينا وعليه أقبل على بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعم، فأتاه قومه فقالوا: ادع الله عليهم فقال: حتى أؤامر ربي فمنع، فأتوه بهدية فقبلها وسألوه ثانيًا فقال: حتى أؤامر ربي فلم يرجع إليه بشي، فقالوا: لو كره لنهاك، فدعا عليهم فصار يجري على لسانه ما يدعو به على بني إسرائيل فينقلب على قومه فلاموه على ذلك، فقال: سأدلكم على ما فيه هلاكهم أرسلوا النساء في عسكرهم ومرورهن لا يمتنعن من أحد، فعسى أن يزنوا فيهلكوا فكان فيمن خرج بنت الملك فأرادها بعض الأسباط فأخبرها بمكان فمكنته من نفسها فوقع في بني إسرائيل الطاعون، فمات منهم سبعون ألفًا في يوم وجاء رجل من (ق ٩٧٥) بني هارون ومعه رمح فطعنهما وأيده الله فانتظمهما جميعًا"، وهذا مرسل جيد، وسيار شامي موثق.
وذكر الطبري أيضًا هذه القصة عن محمد بن إسحاق عن سالم بن النضر بنحوه وسمى المرأة كشتا بفتح الكاف وسكون المعجمة وفوقية والرجل زمرى بكسر الزاي وسكون الميم وكسر الراء سبط شمعون الذي طعنهما فنحاص بكسر الفاء وسكون النون ثم مهملة فألف مهملة ابن هارون وقال في آخره: فحسب من هلك من الطاعون ألفًا يقول: عشر ألفًا وهذه الطريقة تعضد الأولى.
وذكر ابن إسحاق في المبدأ أن بني إسرائيل لما كثر عصيانهم أوحى الله إلى داود فخيرهم بين ثلاث، إما أن أبتليهم بالقحط، أو العدو شهرين، أو الطاعون ثلاثة أيام