للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأعطى وفصله عما قبله استئنافًا كالجواب لمن قال: لم كان ذلك؟ فقال: يمنع أي: وجه التشبيه الاشتمال على المشقة وقد جاء التعليل في رواية أبي سعيد المقبري ولفظه: "السفر قطعة من العذاب"؛ لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته وصيامه فذكر الحديث، والمراد منع الكمال لا الأصل فإن قضى أحدكم نَهمته بفتح النون وسكون الهاء وفتح الفوقية أي: حاجته بأن بلع همته وفرغ من وجهه، أي: من طريق سفره ومن مقصده، ولابن عدي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فإذا قضى أحدكم وطره من سفره"، وفي رواية رواد: "فإذا فرغ أحدكم من حاجته" فليعجل بضم التحتية وكسر الجيم مشددة أي: الرجوع إلى أهله فحذف المفعول.

وفي رواية عتيق: "فليعجل الرجوع إلى أهله" فإنه أعظم لأجره، وفي الحديث كراهة التغرب على الأهل بلا حاجة، وندب استعمال الرجوع لا سيما من يخشى عليهم الضيعة، ولما في الإِقامة عن الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا وتحصيل الجماعات والقوة على العبادة، قال ابن بطال: ولا تعارض بين الحديث وحديث ابن عمر مرفوعًا: "سافروا تصحوا" لأنه لا يلزم من الصحة بالسفر لما فيه من الرياضة أن لا يكون قطعة من العذاب لما فيه من المشقة، فصار كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان تناوله كراهة.

* * *

٩٧٨ - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سالم بن عبد الله، قال: قال عمر بن الخطاب: لو علمتُ أن أحدًا أقوى على هذا الأمر مني لكان أن أقدّم فيُضرب عنقي أهون عليَّ، فمن وَلِي هذا الأمر فليعلم أن سيرده عنه القريبُ والبعيدُ، وايمُ الله إن كنتُ لأقاتل الناس عن نفسي.

• أخبرنا مالك, أخبرنا يحيى بن سعيد، بن قيس الأنصاري المدني، يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة ثبت كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة عن سالم بن عبد الله، بن عمر بن الخطاب القرشي، يكنى أبا عمر أو أبا عبد الله المدني، أحد الفقهاء السبعة كان ثبتًا عابدًا فاضلًا، وكان يشبه بأبيه


(٩٧٨) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>