للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعلوا، فتركتهم واشتغلت بخاصة نفسي، وفي الخبر المشهور عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: بينا نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذكرت الفتنة فقال: "إذا رأيتم الناس حرجت عهودهم وخفت أمانتهم، وكانوا هكذا" وشبك بين أصابعهم، قلت: ما أصنع عند ذلك جعلني الله فداك، قال: "الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع أمر العامة"، وقد قال الثوري: والله الذي لا إله إلا هو لقد حلَّت العزلة في هذا الزمان.

قال الغزالي: إن حلَّت في زمانه ففي زماننا وجبت.

وقال الثوري أيضًا: هذا زمان السكون ولزوم البيت والرضا بالقوت إلى أن يموت.

* * *

٩٨٠ - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيَّب يقول: كان إبراهيم أول الناس؛ ضَيَّفَ الضيفَ، وأوَّل الناس اختتن، وأول الناس قصّ شاربه، وأول الناس رأى الشيب، قال: يا رب ما هذا؟ فقال الله عز وجل له: وَقَارٌ يا إبراهيم، قال: يا رب زدني وقارًا.

• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيَّب يقول: كان إبراهيم أول الناس؛ أي: سبقهم في أنه ضَيَّفَ الضيفَ، كما أشار إليه قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: ٢٤] ولعل المراد أنه أول من أكرم الضيف أو أنه لم يأكل من دون الضيف وأوَّل الناس اختتن، أي: بقدومه كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: "اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم"، وروى ابن عدي والبيهقي عنه يرفعه: "أول من اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن عشرين ومائة سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة واختتن بالقدوم" وأخرجه الحاكم والبيهقي وصححاه موقوفًا على أبي هريرة، والقدوم بفتح الكاف وضم الدال المهملة وسكون الواو والميم الحديد، آلة النجار لما جاء أنه اختتن به واشتد عليه الألم فدعى وبه أوحى الله إليه إنك عجلت قبل أن آمرك بالآلة، قال: يا رب كرهت أن أؤخر أمرك حين أمرتني وأول الناس قصّ (ق ٩٨٩) شاربه، كما أشار إليه قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى


(٩٨٠) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>