عتبة، عن عبد الله بن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن فأرة وقعت في سمن فماتتْ، قال:"خذوها، وما حولها من السمن فاطرحوه".
قال محمد: وبهذا نأخذ، إذا كان السمن جامدًا أُخِذَت الفأرةُ وما حولها من السمن فرمي به، وأُكِلَ ما سوى ذلك، وإن كان ذائبًا لم يُؤكل منه شيء، واسْتُصْبِحَ به، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أي: ابن مسعود الهزلي يكنى أبا عبد الله المدني ثقة فقيه ثبتًا، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين كذا في (تقريب التهذيب) عن عبد الله بن عباس: رضي الله عنهما عن خالته ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا في (الموطأ) لمالك برواية يحيى، فجود إسناده وأتقنه وتابعه جماعة كابن مهدي والشافعي وابن نافع وإسماعيل ورواه القعنبي وغيره بإسقاط ميمونة وأشهب، وغيره بترك ابن عباس وأبو مصعب ويحيى بن بكير بإسقاطهما.
قال ابن عبد البر: والصواب رواية يحيى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن فأرة والسائل ميمونة كما رواه الدارقطني وغيره من طريق يحيى القطان وجويرية كلاهما عن مالك بإسناده أن ميمونة رضي الله تعالى عنها استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة وقعت في سمن أي: جامدًا كما في رواية ابن مهدي عن مالك، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي في (مسنده) عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب، ورواه الحميدي والحفاظ من أصحاب ابن عيينة بدونها فماتتْ، قال:"خذوها، أي: الفأرة وما حولها من السمن فاطرحوها" زاد إسماعيل: وكلوا سمنكم أي: الباقي، وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن قال:"إن كان السمن جامدًا فألقوها وما حولها وإن كان مائعًا فلا تقربوها" أخرجه أبو داود وغيره.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل هنا بهذا الحديث إذا كان السمن جامدًا بين المهملة أي: جامدًا أُخِذَت الفأرةُ وما حولها من السمن فرمي به، أي: بما ذكر وأُكِلَ ما سوى ذلك، وإن كان أي: السمن ونحوه ذائبًا أي: مائعًا لم يُؤكل منه شيء، واسْتُصْبِحَ به، أي: واستعمل به للسراج ونحوه وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.