للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحبة؛ لأن أباها صحابي مثله، وسلمى من قبيلة، وهو أحد الثلاثة. قالت: أي: كبشة، قلت: نعم، أعجب، قال: لا تعجبي، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنها أي: الهرة ليست بِنَجَسٍ، بفتح الجيم من النجاسة.

قال الله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]، كما نقله الزرقاني (١)، عن السيوطي (٢): إنها من الطَوَّافِينَ عليكم أي: من الذين يداخلوكم ويخالطونكم، قاله أبو عمر، وفي نسخة: إنما هي من الطوافين عليكم والطَّوَّافات.

قال البوني: الطوافين الخدم، والطوافات: الخادمات.

وانظر إلى قوله تعالى في سورة الواقعة: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: ١٧]، و [الإنسان: ١٩]، فالهرة في اختلاطها كبعض الخدم.

وروى ابن ماجه، والحاكم، وابن عدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "أن الهرة لا تقطع الصلاة، إنما هي من متاع البيت" (٣).

وهذا يدل على أنها طاهرة ما دامت تدخل في البيوت، فنجاسة سؤرها ساقطة، لعلة الطواف المنصوصة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ليست نجسة، إنها من الطوافين عليكم"، فيكون من قصر الموصوف على الصفة، والقصر في اللغة: الحبس.

وفي اصطلاح المعانيين: تخصيص شيء بشيء بأداة الحصر، وهي هنا كلمة إنما، وقصر الموصوف على الصفة، وهو أن لا يتجاوز الموصوف الآخر. والمراد بالصفة هنا الصفة المعنوية، أعني القائم بالغير نحو العلم حسن، والجهل قبيح، فالهرة مقصورة على الصفة الطهارة، ما دامت في البيوت، وكذا سؤرها إن لم يكن في فمها نجاسة.

وقال علي القاري، وعن أبي يوسف: إن سؤر الهرة ليس بمكروه، لما رواه


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٨٢).
(٢) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٣٥، ٣٦).
(٣) أخرجه: ابن ماجه (٣٦٩)، وابن خزيمة (١٠٣)، (٨٢٨)، والحاكم (٩٣٥)، والبيهقي في الكبرى (١٢٢٣).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>